للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أثبتوا قدماء تِسْعَة

وَالنَّصَارَى لم يكفرهم الله بقَوْلهمْ القدماء ثَلَاثَة بل بقَوْلهمْ {إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة وَمَا من إِلَه إِلَّا إِلَه وَاحِد} فَبين تَعَالَى أَنهم كفرُوا بِأَن قَالُوا الله ثَالِث ثَلَاثَة آلِهَة وَلم يقل وَمَا من قديم إِلَّا قديم وَاحِد ثمَّ أتبع ذَلِك بكشف حَال الآخرين فَقَالَ {مَا الْمَسِيح ابْن مَرْيَم إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل وَأمه صديقَة كَانَا يأكلان الطَّعَام} والإله يطعم وَلَا يطعم

وَقَالَ {يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله قَالَ سُبْحَانَكَ} فَلَيْسَ فِي الْكتاب وَالسّنة ذكر لفظ الْقَدِيم فِي أَسمَاء الله وَإِن كَانَ الْمَعْنى صَحِيحا

ثمَّ النَّصَارَى معترفون بِأَن مَرْيَم وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام ولدا وحدثا فَكيف يَقُولُونَ قديمان

ثمَّ إِن الَّذين أثبتوا الصِّفَات لَا يَقُولُونَ ان الله تَاسِع تِسْعَة قدماء بل اسْم الله عِنْدهم يتَضَمَّن الذَّات وَالصِّفَات وَلَا أطْلقُوا على الصِّفَات أَنَّهَا غير الله وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حلف بِغَيْر الله فقد أشرك وَثَبت فِي الصَّحِيح الْحلف بعزة الله وَعمر الله فالحلف بذلك لَيْسَ حلفا بِغَيْر الله

وَالصَّوَاب أَن الصِّفَات لَا تَنْحَصِر فِي ثَمَانِيَة كَمَا قَالَ بعض الأشعرية بل وَلَا تَنْحَصِر بِعَدَد

ثمَّ إِن النَّصَارَى أثبتوا ثَلَاثَة أقانيم إِنَّهَا ثَلَاثَة جَوَاهِر يجمعها جَوْهَر وَاحِد وَإِن كل وَاحِد مِنْهَا إِلَه يخلق ويرزق والمتحد بالمسيح هُوَ أقنوم الْكَلِمَة وَالْعلم وَهَذَا متناقض فَإِن المتحد إِن كَانَ صفة فالصفة لَا تخلق وَلَا ترزق وَلَا تفارق الْمَوْصُوف وَإِن كَانَ الصّفة هوالموصوف فَهُوَ الْجَوْهَر الْوَاحِد وَهُوَ الْأَب فَيكون الْمَسِيح هُوَ الْأَب وَلَيْسَ هَذَا قَوْلهم فَأَيْنَ هَذَا مِمَّن يَقُول الْإِلَه وَاحِد وَله الْأَسْمَاء الْحسنى الدَّالَّة على صِفَاته العلى وَلَا خَالق غَيره وَلَا معبود سواهُ

<<  <   >  >>