من أثبت من الْأَسْمَاء مَا يُسمى بِهِ الرب وَالْعَبْد فطائفتة وَجَمِيع النَّاس مشبهة وَإِن أَرَادَ بِهِ من جعل صِفَات الرب مثل صِفَات العَبْد فَهَؤُلَاءِ مبطلون ضالون وهم فيهم أَكثر مِنْهُم فِي غَيرهم وَأَنت تَتَكَلَّم بِأَلْفَاظ لَا تفهم مَعَانِيهَا وَلَا موارد إستعمالها وَإِنَّمَا تقوم بِنَفْسِك صُورَة تبنى عَلَيْهَا وكأنك وَالله أعلم عنيت بالحشوية المشبهة من بِبَغْدَاد وَالْعراق من الحنبلية دون غَيرهم وَهَذَا من جهلك فَإِنَّهُ لَيْسَ للحنبلية قَول إنفردوا بِهِ عَن غَيرهم من أهل السّنة وَالْجَمَاعَة بل كل مَا يَقُولُونَهُ قد قَالَه غَيرهم من طوائف أهل السّنة وَمذهب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة مَذْهَب قديم مَعْرُوف قبل أَن يخلق الله أَبَا حنيفَة ومالكا وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فَإِنَّهُ مَذْهَب الصَّحَابَة الَّذِي تلقوهُ عَن نَبِيّهم وَمن خَالف ذَلِك كَانَ مبتدعا عِنْد أهل السّنة وَالْجَمَاعَة فَإِنَّهُم متفقون على أَن إِجْمَاع الصَّحَابَة حجَّة ومتنازعون فِي إِجْمَاع من بعدهمْ
وَأحمد بن حَنْبَل إِن كَانَ قد إشتهر بإمامة السّنة وَالصَّبْر فِي المحنة فَلَيْسَ ذَلِك لِأَنَّهُ إنفرد بقول أَو ابتدع قولا بل لِأَن السّنة الَّتِي كَانَت مَوْجُودَة مَعْرُوفَة قبله علمهَا ودعا إِلَيْهَا وصبر على مَا امتحن بِهِ ليفارقها وَكَانَ الْأَئِمَّة قبل قد مَاتُوا قبل المحنة فَلَمَّا وَقعت محنة الْجَهْمِية نفاة الصِّفَات فِي أَوَائِل الْمِائَة الثَّالِثَة على عهد الْمَأْمُون وأخيه المعتصم ثمَّ الواثق ودعوا النَّاس إِلَى التجهم وَإِبْطَال صِفَات الله وَهُوَ الْمَذْهَب الَّذِي ذهب إِلَيْهِ متأخروا الرافضة وَكَانُوا قد أدخلُوا مَعَهم من أدخلوه من وُلَاة الْأَمر فَلم يوافقهم أهل السّنة وَالْجَمَاعَة حَتَّى هددوا بَعضهم بِالْقَتْلِ وقيدوا بَعضهم وعاقبوهم بالرهبة وَالرَّغْبَة وَثَبت أَحْمد بن حَنْبَل على ذَلِك الْأَمر حَتَّى حبسوه مُدَّة ثمَّ طلبُوا أَصْحَابهم لمناظرته فانقطعوا مَعَه فِي المناظرة يَوْمًا بعد يَوْم
وَلما لم يَأْتُوا بِمَا يُوجب مُوَافَقَته لَهُم وَبَين خطأهم فِيمَا ذكرُوا من الْأَدِلَّة وَكَانُوا قد طلبُوا أَئِمَّة الْكَلَام من أهل الْبَصْرَة وَغَيرهم مثل أبي عِيسَى مُحَمَّد بن عِيسَى برغوث صَاحب حُسَيْن النجار وَأَمْثَاله وَلم تكن المناظرة مَعَ الْمُعْتَزلَة فَقَط بل كَانَت مَعَ جنس الْجَهْمِية من