للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنهُ فان ذَلِك يُؤَدِّي الى تَغْطِيَة الْحق وَذَلِكَ ظلم لَا يَلِيق بالحكمة فَهُوَ أَيْضا مُقَدّمَة فَاسِدَة لانا إِن سلمنَا سَائِر الْمُقدمَات وَسلمنَا ضَرُورَة الْخلق الى معلم مَعْصُوم فَنَقُول لَا يَسْتَحِيل خلو الْعَالم عَنهُ بل عندنَا يجوز خلو الْعَالم عَن النَّبِي أبدا بل يجوز لله ان يعذب جَمِيع خلقه وان يضطرهم الى النَّار فانه بِجَمِيعِ ذَلِك متصرف فِي ملكه بِحَسب إِرَادَته وَلَا معترض على الْمَالِك من حَيْثُ الْعقل فِي تَصَرُّفَاته وانما الظُّلم وضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه وَالتَّصَرُّف فِي غير مَا يسْتَحقّهُ الْمُتَصَرف وَهَذَا لَا يتَصَوَّر من الله فَلَعَلَّ الْعَالم خَال عَنهُ على معنى ان الله لم يخلقه

فَإِن قيل مهما قدر الله على ارشاد الْخلق الى سَبِيل النجَاة ونيل السعادات بعثة الرُّسُل وَنصب الْأَئِمَّة وَلم يفعل ذَلِك كَانَ إضرارابالخلق مَعَ انْتِفَاء الْمَنْفَعَة عَن الله تَعَالَى فِي هَذَا الْإِضْرَار وَهُوَ فِي غَايَة الْقبْح المناقض لأوصاف الْكَمَال من حكمته وعدله وَلَا يَلِيق ذَلِك بِالصِّفَاتِ الإلهية قُلْنَا هَذَا الْكَلَام مختل وغطاء ينخدع بِهِ الْعَاميّ ويستحقره الغواص فِي الْعُلُوم وَقد انخدع بِهِ طوائف من الْمُعْتَزلَة واستقصاء وَجه الرَّد عَلَيْهِم فِي فن الْكَلَام وانا الْآن مقتصر على مِثَال وَاحِد يبين قطعا أَن الله تَعَالَى لَيْسَ يلْزمه فِي نعوت كَمَاله ان يرْعَى مصلحَة خلقه وَهُوَ أَنا نفرض ثَلَاثَة من الاطفال مَاتَ احدهم طفْلا وَبلغ احدهم مُسلما ثمَّ مَاتَ وَبلغ الآخر وَكفر ثمَّ مَاتَ فيجازي الله كل اُحْدُ بِمَا يسْتَحقّهُ فَيكون مُقيما للعدل فَينزل الَّذِي بلغ وَكفر فِي دركات لظى وَالَّذِي بلغ واسلم فِي دَرَجَات الْعلَا

<<  <   >  >>