مَانِعا لكم من دَعْوَى التَّوَاتُر قُلْنَا نَحن لَا ندعي التَّوَاتُر الَّذِي يُوجب الْعلم الضَّرُورِيّ إِلَّا فِي الْقُرْآن أما مَا عداهُ من هَذِه المعجزات فَلَو نقلهَا خلق كثير بلغُوا حد التَّوَاتُر لما تصوروا الشَّك فِيهَا وانما نقلهَا جمَاعَة دون تِلْكَ الْكَثْرَة يعرف صدقهم بضروب من الْأَدِلَّة النظرية وَالِاسْتِدْلَال بالقرائن الخالية من رواتيهم ذَلِك وسكوت الآخرين عَن الْإِنْكَار الى غير ذَلِك من الامور الَّتِي يتَوَصَّل إِلَى استفادة الْعلم مِنْهَا عِنْد إمعان النّظر فِيهَا بدقيق الْفِكر وَمن أعرض عَن النّظر فِي تيك الدَّلَائِل والقرائن وَلم يَتَأَمَّلهَا حق التَّأَمُّل لم يحصل لَهُ الْعلم وَأما انتم فَلَا تقنعون فِي خبركم بِالنَّقْلِ من عدد دون عدد التَّوَاتُر وَلَا بِالْحَاجةِ فِيهِ الى النّظر وَالِاسْتِدْلَال والتأمل فانكم تبطلون طرق النّظر فَلَا تستقيم هَذِه الْمُقَابلَة مِنْكُم فان قيل انْشِقَاق الْقَمَر من الْآيَات العلوية والبراهين السماوية فَكيف يتَصَوَّر ان يخْتَص بمشاهدته عدد دون عدد التَّوَاتُر قُلْنَا وَلَو شَاهده عدد التَّوَاتُر كَيفَ كَانَ يتَصَوَّر التَّرَدُّد فِيهِ وَالْإِنْكَار لَهُ وَهل ترى احدا يتَرَدَّد فِي وجود مَكَّة وَوُجُود أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَسَائِر الْمَشْهُورين وَهِي من الْأُمُور الأرضية وَهل ترى أَن أحدا يتَرَدَّد فِي أَن الشَّمْس كَانَت تطلع فِي أَيَّام نوح عَلَيْهِ السَّلَام ضربا للمثل فَإِن ذَلِك لما كَانَ من الْأُمُور المتواترة لم تتَصَوَّر الاسترابة فِيهِ يبْقى قَوْلكُم إِنَّه كَيفَ اخْتصَّ بمشاهدة انْشِقَاق الْقَمَر طَائِفَة فقد قَالَ الْعلمَاء الأصوليون المنكرون لالتباس مَا يتواتر من الْأَخْبَار هَذِه آيَة ليلية فِي وَقت كَانَ النَّاس فِيهِ نياما أَو كَانُوا تَحت السقوف والظلال والأستار والمصحرون مِنْهُم المنتبهون لَا تستحيل عَلَيْهِم الْغَفْلَة فِي لَحْظَة فَيكون ذَلِك مثل انقضاض كَوْكَب تخْتَص بمشاهدته شرذمة قَليلَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute