للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالِاخْتِيَار مُتَبَرعا بِهِ ابْتِدَاء من غير خوف واستشعار هَذَا يَنْبَغِي أَن يقطع بِقبُول تَوْبَته فَإنَّا أَن نَظرنَا إِلَى ظَاهر كَلمته صدقناها مُوَافقَة لعين الْإِسْلَام وَأَن نَظرنَا إِلَى سَرِيرَته كَانَ الْغَالِب أَنَّهَا على مُطَابقَة اللِّسَان وموافقته فَإنَّا لم نَعْرِف الْآن لَهُ باعثا على التقية وَإِنَّمَا الْمُبَاح عِنْدهم إِظْهَار نقيض المعتقد تقية عِنْد تَحْقِيق الْخَوْف فَأَما فِي حَالَة الِاخْتِيَار فَهُوَ من أفحش الْكَبَائِر ويعضد ذَلِك بِأَمْر كلي وَهُوَ أَنه لَا سَبِيل إِلَى حسم بَاب الرشد عَلَيْهِم فكم من عَامي ينخدع بتخيل بَاطِل ويغتر بِرَأْي قَائِل ثمَّ ينتبه من نَفسه أَو ينبهه مُنَبّه لما هُوَ الْحق فيؤثر الرُّجُوع اليه والشروع فِيهِ بعد النُّزُوع عَنهُ فَلَا سَبِيل إِلَى حسم مَسْلَك الرشاد على ذَوي الضلال والعناد

الْحَالة الثَّانِيَة الَّذِي يسلم تَحت ظلال السيوف وَلكنه من جملَة عوامهم وجهالهم لَا من جملَة دعاتهم وضلالهم فَهَذَا أَيْضا تقبل تَوْبَته فَمن لم يكن مترشحا للدعوة فضرر كفره مَقْصُور عَلَيْهِ فِي نَفسه وَمهما أظهر الدّين احْتمل كَونه صَادِقا فِي إسراره وإظهاره ولعامي الْجَاهِل يظنّ أَن التلبيس بالأديان والعقائد مثل المواصلات والمعاقدات الاختبارية فيصلها مُدَّة بِحكم الْمصلحَة ويقطعها أُخْرَى وباطنه يُوَافق الظَّاهِر فِيمَا يتعاطاه من الْتِزَام وإعراض وَلذَلِك ترى من يسبي من العبيد وَالْإِمَاء من بِلَاد الْكفْر إِلَى دارالإسلام يدينون بدينهم معتقدين وشاكرين لله على مَا أتاح لَهُم من الرشد ورحض عَنْهُم من وضر الْكفْر والغي وَلَو سئلوا عَن السَّبَب فِي تَبْدِيل الدّين وإيثار الْحق الْمُبين على الْبَاطِل لم يعرفوا لَهُ سَببا إِلَّا مُوَافقَة السَّادة على وفْق مصلحَة الْحَال ثمَّ ذَلِك يُؤثر فِي بَاطِن عقائدهم كَمَا نرى ونشاهد فَإِذا عرف أَن الْعَاميّ سريع التقلب فنصدقه فِي انقلابه إِلَى الْحق كَمَا نصدقه فِي إضرابه عَنهُ إِذا ظهر من معتقده خلاف الْحق فَإنَّا بَين أَن نغضى عَن كَافِر مستسر وَلَا نَقْتُلهُ بل نتعامى عَنهُ

<<  <   >  >>