مَال بِسَبَبِهِ الجماهير وَلم يُخَالِفهُ الا من لَا يكرث بمخالفته فالشخص الْوَاحِد الْمَتْبُوع المطاع الْمَوْصُوف بِهَذِهِ الصّفة اذا بَايع كفى اذ فِي مُوَافَقَته الجماهير فان لم يحصل هَذَا الْغَرَض الا لشخصين اَوْ ثَلَاثَة فلابد من اتِّفَاقهم وَلَيْسَ الْمَقْصُود اعيان الْمُبَايِعين وانما الْغَرَض قيام شَوْكَة الامام بالاتباع والاشياع وَذَلِكَ يحصل بِكُل مستول مُطَاع وَنحن نقُول لما بَايع عمر ابا بكر رضى الله عَنْهُمَا انْعَقَدت الامامة لَهُ بِمُجَرَّد بيعَته وَلَكِن لتتابع الايدي الى الْبيعَة بِسَبَب مبادرته وَلَو لم يبايعه غير عمر وبقى كَافَّة الْخلق مخالفين اَوْ انقسموا انقساما متكافئا لَا يتَمَيَّز فِيهِ غَالب عَن مغلوب لما انْعَقَدت الامامة فان شَرط ابْتِدَاء الِانْعِقَاد قيام الشَّوْكَة وانصراف الْقُلُوب الى المشايعة ومطابقة البواطن والظواهر على الْمُبَايعَة فان الْمَقْصُود الَّذِي طلبنا لَهُ الامام جمع شتات الاراء فِي مصطدم تعَارض الاهواء وَلَا تتفق الارادات المتنافضة والشهوات المتباينة المتنافرة على مُتَابعَة راى وَاحِد الا اذا ظَهرت شوكته وعظمت نجدته وترسخت فِي النُّفُوس رهبته ومهابته ومدار جَمِيع ذَلِك على الشَّوْكَة وَلَا تقوم الشَّوْكَة الا بموافقة الاكثرين من معتبري كل زمَان
فاذا بَان أَن هَذَا مَأْخَذ الْإِمَامَة فَلَيْسَ يتمارى فِي أَن الْجِهَة الشَّرِيفَة الَّتِي ننصرها قد صرف الله وُجُوه كَافَّة الْخلق اليها وجبل قُلُوبهم