مَا ذكرْتُمْ فَإِن اخذتموه من نظر الْعقل فَهُوَ عنْدكُمْ بَاطِل وان سمعتموه من لفظ الامام الْمَعْصُوم فلفظه لَيْسَ بأشد تَصْرِيحًا من هَذِه الْأَلْفَاظ الَّتِي أولتموها فَلَعَلَّ مُرَاده أَمر آخر اشد بطونا من الْبَاطِن الَّذِي ذكرتموه وَلكنه جَاوز الظَّاهِر بِدَرَجَة فَزعم ان المُرَاد بالجبال الرِّجَال فَمَا المُرَاد بِالرِّجَالِ لَعَلَّ المُرَاد بِهِ امْر آخر وَالْمرَاد بالشياطين اهل الظَّاهِر فَمَا اهل الظَّاهِر وَالْمرَاد بِاللَّبنِ الْعلم فَمَا معنى الْعلم فَإِن قلت الْعلم وَالرِّجَال اهل الظَّاهِر صَرِيحَة فِي مقتضياتها بِوَضْع اللُّغَة ان كنت نَاظرا بِالْعينِ العوراء الى اُحْدُ الْجَانِبَيْنِ فَأَنت المُرَاد إِذا بالدجال فَإِنَّهُ أَعور لانك أَبْصرت باحدى الْعَينَيْنِ فَإِن الرِّجَال ظَاهر وعميت بِالْعينِ الاخرى الناظرة الى الْجبَال وانها ايضا ظَاهر فَإِن قلت يُمكن ان يكنى بالجبال عَن الرِّجَال قُلْنَا وَيُمكن ان يكنى بِالرِّجَالِ عَن غَيرهم كَمَا عبر الشَّاعِر بِالرجلَيْنِ اللَّذين احدهما خياط وَالْآخر نساج عَن امور فلكية واسباب علوِيَّة فَقَالَ ... رجلَانِ خياط واخر حائك ... متقابلان على السماك الاعزل
لَا زَالَ ينسج ذَاك خرقَة مُدبر ... ويخيط صَاحبه ثِيَاب الْمقبل ... وَهَكَذَا فِي كل فن وَإِذا نزل تَسْبِيح الْجبَال على تَسْبِيح الرِّجَال فلينزل معنى الرِّجَال فِي قَوْله تَعَالَى ٨٨ رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله ٨٨ على الْجبَال فَإِن الْمُنَاسبَة قَائِمَة من الْجَانِبَيْنِ ثمَّ إِذا نزل الْجبَال على الرِّجَال وَنزل الرِّجَال أَيْضا على غَيره أمكن تَنْزِيل ذَلِك الْبَاطِن الثَّالِث على