[بسم الله الرحمن الرحيم]
الحمد لله اختص العرب من بين سائر الأمم بمزايا لا تحصى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي شرف الله به العرب عمن سواهم بفضائل لا تستقصى صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه، وتابعيهم بإحسان صلاة وسلاما دائمين بدوام الكريم المنان، الرحيم الرحمن.
وبعد..
فإن كثيرين من الفرق الأعجمية، والطوائف العنادية جبلوا على بغض العرب، فوقعوا في مهاوى العطب جهلا بما اختصهم الله به من المزايا التي لا يؤتوها غيرهم، والعطايا المحققة لعلوا قدرهم، وعظيم خيرهم، حتى بلغنا عن بعض أولياء الله أنه قال: (جاهدت نفسي ستين سنة حتى خرج منها بغض العرب) .
قد كثر من جمع جم، لا خلاف لهم إلا الوقيعة فيهم، والإستئثار بحقوقهم، فقصدت أن أتحفهم برسالة مختصرة جدا لتكون إن شاء الله تعالى كافة لمن اطلع عليها، أن يخوض فيهم بأدنى كلمة، وإلا حقت عليه الكلمة، فإن الجاهل قد يعذر بخلاف غيره، فإنه ربما عاجله ما يخاف، ويحذر.
ولما عزمت على هذا المقصد النافع إن شاء الله تعالى رأيت لشيخ الإسلام والحفاظ أبي الحسين عبد الرحمن العراقي تأليفا في ذلك حافلا، لكنه طوله بالأسانيد الكثيرة، والطرق المستفيضة الشهيرة، قصدت اختصاره في دون عشرة فصول، بحيث لا أفوت شيءا من مقاصده، وفوائده، مستعينا بالله تعالى، ومتوكلا عليه، ومستندا في سائر أموري إليه، إنه أكرم كريم، وأرحم رحيم.
وسميته (مبلغ الأرب في فخر العرب) ، ورتبته على مقدمة وفصول وخاتمة.
[مقدمة العرب صفوة خلق الله]
صح عمن لا ينطق عن الهوى أن الله تعالى تخير العرب من خلقه، فقد روى الحاكم وصححه وتابعوه عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وصحبه وسلم: (لما خلق الله الخلق اختار العرب، ثم اختار من العرب قريشا، ثم اختار من قريش بني هاشم، ثم اختارني من بني هاشم، فأنا خيرة من خيرة) .
وفي ثنايا حديث سنده لا بأس به، وإن تكلم الجمهور في غير واحد من روانه: (وخلق الخلق فاختار من الخلق بني آدم، واختار من بني آدم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشا، واختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم، فأنا خيار إلى خيار، فمن أحب العرب فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم) .
وفي حديث سنده حسن: (إن الله حين خلق الخلق بعث جبريل، فقسم الناس قسمين، فقسم العرب قسما، وقسم العجم قسما، وكانت خيرة الله في العرب، ثم قسم العرب قسمين، فقسم اليمن قسما، وقسم مضر قسما، وقسم قريشا قسما، وكانت خيرة الله في قريش، ثم أخرجني من خير ما أنا منه) .
وروى مسلم: (إن الله اصطفى بني كنانة من بني اسماعيل، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بن هاشم، واصطفاني من بني هاشم) .
وفي رواية لأحمد والترمذي وقال: حسن صحيح غريب: (إن الله اصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بن هاشم، واصطفاني من بني هاشم) .
[الباب الأول]
[فصل في أب العرب]
جاء في حديث الترمذي وغيره وسنده حسن عن سمرة عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: (سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم) .
ولا يعارضه خبر البزار: (ولد نوح سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط والبربر والسودان) . وذلك لأنه ضعيف من سائر طرقه.
[فصل حب العرب من محبة النبي]
صلى الله عليه وآله وسلم مر عنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في المقدمة: (فمن أحب العرب فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم) .
وفي الحديث: (حب قريش إيمان، وبغضهم كفر، وحب العرب إيمان، وبغضهم كفر، من أحب العرب فقد أحبني، ومن أبغض العرب فقد أبغضني) سنده ضعيف، وتصحيح الحاكم له مردود.
[فصل ينبغي محبة العرب لثلاث]
لقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: لقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: (أحبوا العرب لثلاث) وفي رواية: