وَدخلت مَدِينَة الأربس بِالسَّيْفِ وَبلغ الْخَبَر زِيَادَة الله عِنْد صَلَاة الْعَصْر يَوْم الْأَحَد بعده فر على وَجهه وَأسلم الْبِلَاد وَلحق بإطرابلس ميمماً ديار مصر وَذَلِكَ فِي خلَافَة المقتدر بن جَعْفَر بن المعتضد فَكَانَت ولَايَته سِتّ سِنِين إِلَّا شَهْرَيْن وأياماً أتلف جلها فِي اللَّذَّات والبطالة حَتَّى انتقضت دولته وظفر بِهِ عدوه
وَكَانَ فراره من مدينه رقاده الَّتِي بناها جده إِبْرَاهِيم بن أَحْمد وأجرى إِلَيْهَا الْمِيَاه واغترس فِيهَا صنوف الثِّمَار الطّيبَة والرياحين وَبنى على الْقُصُور الَّتِي أحدث فِيهَا سوراً وَأحد هَذِه الْقُصُور يُسمى بَغْدَاد وَآخر مِنْهَا يُسمى الْمُخْتَار فَصَارَت أكبر من القيروان وَبَينهمَا سِتَّة أَمْيَال
فَلَمَّا ولى زِيَادَة الله هَذَا انْتقل إِلَيْهَا وحفر بهَا حفيراً بناه صهريجاً طوله خَمْسمِائَة ذِرَاع وَعرضه أَرْبَعمِائَة ذِرَاع وأجرى إِلَيْهَا ساقية وَسَماهُ الْبَحْر وَبنى فِيهِ قصراً وَسَماهُ الْعَرُوس على أَربع طَبَقَات أنْفق فِيهِ سوى خسر الْيَهُود والعجم مِائَتي ألف دِينَار واثنين وَثَلَاثِينَ ألف دِينَار
وَكَانَ عبيد الله يَقُول رَأَيْت ثَلَاثَة أَشْيَاء بإفريقية لم أر مثلهَا بالمشرق مِنْهَا هَذَا الْقصر فَبِهَذَا وَأَمْثَاله كَانَ اشْتِغَاله حَتَّى حَالَتْ لأوّل وهلة حَاله ليصدق مَا قَالَه أَبُو الْفَتْح البستي
(إِذا غَدا ملك باللهو مشتغلاً ... فاحكم على ملكه بِالْوَيْلِ وَالْحَرب)
وَحكى أَبُو إِسْحَاق الرَّقِيق أَنه سَأَلَ مؤنساً المغنى هَل يعلم صَوتا من أصواته لم يسمعهُ مِنْهُ فَقَالَ وَالله يَا مولَايَ مَا علمت غير بَيت وَقد أنسيت أَوله قَالَ هاته فغناه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute