فِي معقل منيع من أَعماله وَكَانَت بَينه وَبَين ابْن عمار معرفَة فضمن لَهُ استنزاله وَسَار إِلَيْهِ فَلَمَّا نزل بساحته تشوّف ذَلِك الْعَامِل إِلَى برّه وَلم ير بَأْسا فِي إرقائه إِلَى قَصَبَة حصنه فِي رجلَيْنِ من جملَته فأوعز ابْن عمار إِلَى الصاعدين مَعَه أَن صبا سيفكما عَلَيْهِ إِذا رأيتماني أماشيه ويدي فِي يَده وَلَو قتلتماني وإياه ففعلا ذَلِك وفر أَصْحَابه عِنْد قَتله وألقوا بِأَيْدِيهِم إِلَى ابْن عمار متطارحين عَلَيْهِ ومستشفعين بِهِ إِلَى المؤتمن فضمن لَهُم تأمينه إيَّاهُم وصفحه عَن جنايتهم وخاطبه بذلك فورد جَوَابه بإمضاء مَا ألتزمه عَنهُ من الإغضاء ولطف محلّه عِنْده واستأنف الاعتناء بشؤونه فخاطب الْمُعْتَمد فِي تَسْرِيح عِيَاله وأبنائه الَّذين بإشبيلية فَلم يبعد لَهُ عَن الْإِسْعَاف على أَنه كتب فِي أثْنَاء مُرَاجعَته يحذرهُ مِنْهُ
(وَالشَّيْخ لَا يتْرك أخلاقه ... حَتَّى يواري فِي ثرى رمسه)
(إِذا ارعوى عَاد إِلَى ضِدّه ... كذى الضّنى عَاد إِلَى نكسه)
قَالَ وَكَانَ إقبال الدولة عليّ بن مُجَاهِد صَاحب دانية قبل غَلَبَة ابْن هود عَلَيْهِ يَعْنِي المقتدر وَذَلِكَ فِي شعْبَان من سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة قد اسْتعْمل ابْنه سراج الدولة على معقل شقورة فَلَمَّا استولى المقتدر على دانية وَاحْتمل أَبَاهُ إِلَى سرقسطة انْفَرد هُوَ بشقورة وضبطها ثمَّ مَاتَ حتف أَنفه وَخلف على حرمه وَولده فِي قصبتها عَبْدَيْنِ أَبوهُمَا عبد لِأَبِيهِ من سبى سردانية هما إِبْرَاهِيم وَعبد الْجَبَّار ابْنا سُهَيْل فرأيا أَنَّهُمَا لَا يستقلان بضبط المعقل فَجعلَا يساومان بِهِ الرؤساء المحيطين بهما حَتَّى وصلت إشارتهما إِلَى المؤتمن بن هود فللذي اتّفق لِابْنِ عمار قبل مَعَ عَامل المؤتمن المنتزى عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute