بَينهمَا غير جميل وَرُبمَا استراح فِيهِ مَنْصُور بمجالس أنسه فيغضي عَامر على ذَلِك إِلَى أَن زحف إِلَيْهِ فحصره بقصره بطنبذة واضطره إِلَى النُّزُول على شُرُوط لم يَفِ بهَا وسجنه ثمَّ كتب إِلَى ابْنه حمديس أَن يضْرب عُنُقه وَيبْعَث بِرَأْسِهِ إِلَيْهِ فَدخل على مَنْصُور بِالْكتاب وأقرأه إِيَّاه فَقَالَ لَهُ يَا ابْن أخي رَاجعه فِي أَمْرِي فَلَعَلَّ الله أَن يصرفهُ إِلَى الْجَمِيل فَقَالَ مَا كنت بِالَّذِي أفعل وَقد كتب إليّ بِمَا كتب بِهِ قَالَ فَهَل من دَوَاة وَقِرْطَاس أكتب وصيتي فَأَتَاهُ بهما فَذهب ليكتب فَلم يسْتَطع فَألْقى القرطاس من يَده ثمَّ قَالَ فَازَ المتقون بِخَير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فقدمه فَضرب عُنُقه وَبعث بِرَأْسِهِ إِلَى أَبِيه وَضرب عنق أَخِيه مَعَه ودفنهما فِي مزبلة
وَصَارَ أَمر الْجند إِلَى عَامر وَظن أَن الْأُمُور تستقيم لَهُ فَكَانَ الْأَمر على الضِّدّ وَكتب إِلَيْهِ زِيَادَة الله يَدعُوهُ إِلَى الطَّاعَة ويعرّفه بإشفاقه عَلَيْهِ وعَلى حرمه ويحذره عَاقِبَة مَنْصُور الطنبذي قتيله وَيحلف لَهُ بِأَنَّهُ لَا يحقد عَلَيْهِ مَعَ الْإِنَابَة وَبِأَنَّهُ معيده إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مَعَ أَبِيه إِبْرَاهِيم بن الْأَغْلَب وأخيه عبد الله بن إِبْرَاهِيم فَأَجَابَهُ عَامر برسالة بليغة أَولهَا أما بعد فقد أَتَانِي كتابك وفهمت مَا ذكرت أَنَّك شفيق على ذُرِّيَّة وعيال صيّرتها بِأَرْض مضيعة وعدو مكتنف وفتنة أوقدها من صيره الله جزلاً لَهَا وصيّرت نَفسِي مَكَانَهُ فِيهَا وَقد كنت أَنا الشفيق عَلَيْهَا والناصر لَهَا فِي الْأَيَّام الَّتِي قطعت بالتهديد قلوبها وحرصت على إيتامها وكشف سترهَا إِذْ كنت أغدو وأروح إِلَى بابك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute