(أغدو إِلَى الله بِأَمْر يرضاه ... لَا خير فِي)
(إِن يهوني الْمَوْت فَإِنِّي أهواه ... كل مرئ يلقى يَوْمًا)
ثمَّ شدّ على الميمنة فِي أَصْحَابه فكشفها وأنصرف إِلَى موقفه وَهُوَ يَقُول
(أضْرب فِي الْقَوْم ومثلي يضْرب ... فَإِن يكن حَربًا فَإِنِّي الْأَغْلَب)
(لَا أجزع الْيَوْم وَلَا أكذب ... )
ثمَّ شدّ على الميسرة فَفعل مثل فعله فِي الميمنة وأنصرف وَهُوَ يَقُول
(لم يبْق إِلَّا الْقلب أَو أَمُوت ... إِن تحم لي الْحَرْب فقد حميت)
(وَإِن توليت فَمَا بقيت)
ثمَّ حمل على الْقلب فَلم يثن حَده حَتَّى قتل بِسَهْم رمى بِهِ وَذَلِكَ فِي شعْبَان سنة خمس وَمِائَة
وَبلغ الْمَنْصُور مَوته فَقَالَ إِن سَيفي بالمغرب قد أنقطع فَإِن دفع الله عَن الْمغرب برِيح دولتنا وَإِلَّا فَلَا مغرب وَقَالَ الحكم بن ثَابت السَّعْدِيّ من ولد سَلامَة بن جندل يرثى الْأَغْلَب
(لقد أفسد الْمَوْت الْحَيَاة بأغلب ... غَدَاة غَدا للْمَوْت فِي الْحَرْب معلما)
(تبدت لَهُ أم المنايا فأقصدت ... فَتى حِين يلقى الْمَوْت فِي الْحَرْب صمما)
(أَخا غزوات مَا تزَال جياده ... تصبح عَنهُ غَارة حَيْثُ يمما)
(أَتَتْهُ المنايا فِي القنا فاختر مِنْهُ ... وغادرنه فِي ملتقى الْخَيل مُسلما)
(كَأَن على أثوابه من دمائه ... عبيطاً وبالخدين والنحر عِنْدَمَا)
(فَبَاتَ شَهِيدا نَالَ أكْرم ميتَة ... وَلم يبغ عمرا أَن يطول ويسقما)