للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وباسناده أَن سالما أَجَابَهُ

أما بعد فَإِن الله عز وَجل خلق الدُّنْيَا لما أَرَادَ أَن يخلقها لَهُ فَجعل لَهَا مُدَّة قَصِيرَة كَأَن مَا بَين أَولهَا واخرها سَاعَة من نَهَار ثمَّ قضى عَلَيْهَا وعَلى أَهلهَا الفناء فَقَالَ {كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه لَهُ الحكم وَإِلَيْهِ ترجعون} لَا يقدر أَهلهَا مِنْهَا يَا عمر على شَيْء حَتَّى تفارقهم ويفارقونها بعث بذلك رَسُوله وَأنزل كِتَابه ضرب فِي ذَلِك الامثال وَضرب فِيهِ الْوَعيد وَوصل بِهِ القَوْل وَشرع فِيهِ دينه وَأحل الْحَلَال وَحرم الْحَرَام وقص فَأحْسن الْقَصَص وَجعل دينه فِي الاولين والاخرين دينا وَاحِدًا فَلم يفرق بَين كتبه وَلم يخْتَلف رسله وَلم يُبدل قَوْله ثمَّ انك يَا عمر لست تعدو أَن تكون رجلا من بني ادم يَكْفِيك مَا يَكْفِي رجلا مِنْهُم فِي الطَّعَام وَالشرَاب فَاجْعَلْ فضل ذَلِك فِيمَا بَيْنك وَبَين الرب الَّذِي توجه اليه شكر النعم فانك قد وليت أمرا عَظِيما لَيْسَ عَلَيْك أحد دون الله عز وَجل قد أفْضى فِيمَا بَيْنك وَبَين الْخَلَائق ان اسْتَطَعْت أَن تغنم نَفسك وَأهْلك وَألا تخسر نَفسك وَأهْلك يَوْم الْقِيَامَة فافعل فانه قد كَانَ قبلك رجال عمِلُوا مَا

<<  <   >  >>