وَمن هَذِه الطَّبَقَة أَبُو سعيد أَحْمد بن الْحُسَيْن البرذعي أَخذ الْعلم عَن أبي عَليّ الدقاق وَعَن مُوسَى بن نصر فَأخذ عَنهُ أَبُو الْحسن الْكَرْخِي وَأَبُو طَاهِر الدباس وَأَبُو عمر والطبري وأضرابهم وَكَانَ قدم بَغْدَاد حَاجا فَدخل الْجَامِع ووقف على دَاوُد بن عَليّ صَاحب الظَّاهِر وَهُوَ يكلم رجلا من اصحاب أبي حنيفَة وَقد ضعف فِي يَده الْحَنَفِيّ فَجَلَسَ فَسَأَلَهُ عَن بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد فَقَالَ يجوز فَقَالَ لَهُ لم قلت قَالَ لأَنا أجمعنا على جَوَاز بيعهنَّ قبل الْعلُوق فَلَا نزُول عَن هَذَا الْإِجْمَاع إِلَّا بِإِجْمَاع مثله فَقَالَ لَهُ أجمعنا بعد الْعلُوق قبل وضع الْحمل أَنه لَا يجوز بيعهَا فَيجب أَن نتمسك بِهَذَا الْإِجْمَاع وَلَا نزُول عَنهُ إِلَّا بِإِجْمَاع مثله فَانْقَطع دَاوُد وَقَالَ نَنْظُر فِي هَذَا وَقَامَ أَبُو سعيد فعزم على الْقعُود بِبَغْدَاد والتدريس لما رأى من غَلَبَة أَصْحَاب الظَّاهِر فَلَمَّا كَانَ بعد مُدَّة رأى فِي النّوم كَأَن قَائِلا يَقُول لَهُ {فَأَما الزّبد فَيذْهب جفَاء وَأما مَا ينفع النَّاس فيمكث فِي الأَرْض} فانتبه بدق الْبَاب وَإِذا قَائِل يَقُول لَهُ قد مَاتَ دَاوُد بن عَليّ صَاحب الْمَذْهَب فَإِن أردْت أَن تصلي عَلَيْهِ فأحضر وَأقَام أَبُو سعيد سِنِين كَثِيرَة يدرس ثمَّ خرج إِلَى الْحَج فَقتل فِي وقْعَة القرامطة مَعَ الْحَاج
وَصَارَ التدريس بِبَغْدَاد بعد أبي حَازِم وَأبي سعيد إِلَى أبي الْحسن عبيد الله بن الْحُسَيْن الْكَرْخِي وَإِلَيْهِ أنتهت رئاسة أَصْحَاب أبي حنيفَة وانتشر أَصْحَابه فِي الْبِلَاد وولوا الحكم فِي الْآفَاق ودرسوا وَكَانَ أَبُو الْحسن مَعَ غزارة علمه وَكَثْرَة رواياته عَظِيم الْعِبَادَة كثر الصَّوْم وَالصَّلَاة شَدِيد الْوَرع صبورا على الْفقر وَالْحَاجة عزوفا عَمَّا فِي أَيدي النَّاس
حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن مُحَمَّد بن عَلان الوَاسِطِيّ وَمَا رَأَتْ عَيْنَايَ فِي مَعْنَاهُ مثله قَالَ لما أَصَابَهُ الفالج فِي آخر عمره حَضرته فِي بَيته وَحضر أَصْحَابه أَبُو بكر الدَّامغَانِي وَأَبُو عَليّ الشَّاشِي وَأَبُو عبد الله الْبَصْرِيّ فَقَالُوا هَذَا مرض يحْتَاج إِلَى نَفَقَة وعلاج وَهُوَ مقل ولانحب أَن نبذله للنَّاس فَنحب أَن نكتب إِلَى