سيف الدولة ونطلب مِنْهُ مَا ينْفق عَلَيْهِ فَفَعَلُوا ذَلِك وأحس أَبُو الْحسن بِمَا هم فِيهِ فَسَأَلَ عَن ذَلِك فَأخْبر بِهِ فَبكى وَقَالَ اللَّهُمَّ لاتجعل رِزْقِي إِلَّا من حَيْثُ عودتني فَمَاتَ قبل أَن يحمل سيف الدولة شَيْئا ثمَّ ورد كتاب سيف الدولة وَمَعَهُ عشرَة أُلَّاف دِرْهَم ووعد أَن يمد ذَلِك بأمثاله فَتصدق بِهِ
حَدثنِي أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن مُحَمَّد بن عَلان قَالَ كَانَ أَبُو الْحسن شَدِيد المقت لمن ينظر فِي الْقَضَاء وَكَانَ إِذا ولى أحد من أَصْحَابه هجره وأبعده فولى الحكم من أَصْحَابه أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن مُحَمَّد التنوخي وَكَانَ مقدما فِي الْفِقْه وَالْكَلَام مَعَ مَعْرفَته بِالْعَرَبِيَّةِ وقوته فِي الشّعْر فهجره أَبُو الْحسن وَقطع مَا كتبه مُكَاتبَة وَكَانَ يدْخل بَغْدَاد فَلَا يُمكنهُ الدُّخُول عَلَيْهِ فَإِذا سُئِلَ فِي بَابه يَقُول كَانَ يعاشرني على الْفقر وَالْحَاجة وَبَلغنِي أَنه الان ينْفق على مائدته فِي كل يَوْم دَنَانِير وَمَا عَلمته ورث مِيرَاثا وَلَا أتجر فربح وَمَا أعرف لهَذِهِ النَّفَقَة وَجها
قَالَ لنا الشَّيْخ أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ فلعهدي بِهِ وَقد دخل آخر دخلة دَخلهَا بَغْدَاد وَحضر الْمجَالِس وكلم ابْن أبي هُرَيْرَة وَكَانَ ينْقل مَا يجْرِي بَينهمَا إِلَى أبي الْحسن رَحمَه الله فَكَأَنَّهُ لَان قلبه لأبي الْقَاسِم التنوخي فخوطب فِي أَن يَأْذَن لَهُ فِي الدُّخُول عَلَيْهِ فَسكت قَالَ فَرَأَيْت أَبَا الْقَاسِم وَقد دخل مَجْلِسه وَعَلِيهِ ثِيَابه ومرقعته وَقد انكب فباس رَأسه وَقعد بَين يَدَيْهِ فَتَبَسَّمَ فِي وَجهه وَمَا كلمة بِحرف وودعه أَبُو الْقَاسِم وَخرج وَلَو ذكرنَا مَا عندنَا من أَخْبَار أبي الْحسن وأخبار أبي خازم لاحتجنا إِلَى كتاب مُفْرد وَإِنَّمَا ذكرنَا مَا لَا بُد مِنْهُ وَتوفى أَبُو الْحسن لَيْلَة النّصْف من شعْبَان سنة أَرْبَعِينَ وثلاثمائة وَصلى عَلَيْهِ القَاضِي أَبُو تَمام الْحسن بن مُحَمَّد الْهَاشِمِي الزَّيْنَبِي وَكَانَ من أَصْحَابه وَقيل إِن مولده سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
حَدثنِي الشَّيْخ أَبُو الْقَاسِم الوَاسِطِيّ قَالَ حضر ابو عبد الله بن الدَّاعِي جَنَازَة أبي الْحسن الْكَرْخِي وَأَرَادَ أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه هَذَا الشَّيْخ إِمَام أَصْحَاب