للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رأى مثله فِي الزّهْد فِي الدُّنْيَا حَتَّى لقد صَار ذَلِك مَشْهُورا بِحَيْثُ قد اسْتَقر فِي قلب الْقَرِيب والبعيد من كل من سمع بصفاته على وَجههَا بل لَو سُئِلَ عَامي من أهل بلد بعيد من الشَّيْخ من كَانَ أزهد أهل هَذَا الْعَصْر وأكملهم فِي رفض فضول الدُّنْيَا واحرصهم على طلب الاخرة لقَالَ مَا سَمِعت بِمثل ابْن تَيْمِية رَحْمَة الله عَلَيْهِ

وَمَا اشْتهر لَهُ ذَلِك إِلَّا لمبالغته فِيهِ مَعَ تَصْحِيح النِّيَّة وَإِلَّا فَمن رَأينَا من الْعلمَاء قنع من الدُّنْيَا بِمثل مَا قنع هُوَ مِنْهَا أَو رَضِي بِمثل حَالَته الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا لم يسمع انه رغب فِي زَوْجَة حسناء وَلَا سَرِيَّة حوراء وَلَا دَار قوراء وَلَا مماليك جوَار وَلَا بساتين وَلَا عقار وَلَا شدّ على دِينَار وَلَا دِرْهَم وَلَا رغب فِي دَوَاب وَلَا نعم وَلَا ثِيَاب ناعمة فاخرة وَلَا حشم وَلَا زاحم فِي طلب الرئاسات وَلَا رئي ساعيا فِي تَحْصِيل الْمُبَاحَات مَعَ أَن الْمُلُوك والامراء والتجار والكبراء كَانُوا طوع أمره خاضعين لقَوْله وَفعله وادين ان يتقربوا الى قلبه مهما أمكنهم مظهرين لإجلاله أَو أَن يؤهل كلا مِنْهُم فِي بذل مَاله

فَأَيْنَ حَاله هَذِه من أَحْوَال بعض المنتسبين إِلَى الْعلم وَلَيْسوا من أَهله مِمَّن قد أغراه الشَّيْطَان بالوقيعة فِيهِ بقوله وَفعله أَتَرَى مَا نظرُوا ببصائرهم إِلَى صفاتهم وَصِفَاته وسماتهم وسماته وتحاسدهم

<<  <   >  >>