مؤيدا فى حروبه ومغازيه مُسَددًا فى رَأْيه مسعودا فى أَحْوَاله وَكَانَ كثير الاحسان الى السَّادة وَأهل الْعلم وقصدته النَّاس من جَمِيع الْبلدَانِ فغمرهم باحسانه خُصُوصا أهل تريم من السادات وَكَانَ يحسن لمشايخ الطَّرِيق والصوفية وَكَانَ عصره أحسن الاعصار وزمانه أَنْضَرُ الازمنة وَكَانَ يحمل كل سنة الى حَضرمَوْت من الاموال والكسوات للسادة والمشايخ والفقراء مَا يقوم بهم سنة وَكَانَ لَهُ ديوَان مُرَتّب باسم أَرْبَاب الرسوم والقصاد ووقف ربعَة قُرْآن بمنية تريم ووقف بِمَكَّة وَالْمَدينَة مصحفين وَاشْترى فى الْحَرَمَيْنِ دورا ووقفها على من يقْرَأ فيهمَا ويهدى ثَوَاب الْقِرَاءَة اليه وَمن آثاره الْحَسَنَة أَنه عقم نهر الكركى وَهُوَ نهر عَظِيم يمر تَحت الْبِلَاد وَلَا تنْتَفع بِهِ وَسبب ذَلِك ان بعض وزراء عَادل شاه وَهُوَ المنلا مُحَمَّد الخراسانى استبعد وُقُوع ذَلِك لسعته وَكَثْرَة مَائه وَظن انه يحْتَاج الى عمل كثير لَا يقدر عَلَيْهِ أحد من الْمَخْلُوقَات وَغرم مَالا كثير الْملك عنبران قدر على ذَلِك فشرع فِيهِ وساعد الْقدر فكمل الْعَمَل فى خَمْسَة أشهر وَجعل لَهُ قنوات تجرى الى الْبَسَاتِين والزراعات وَكثر بِهِ النَّفْع وَجمع من فى ذَلِك الْمَكَان من السَّادة والاعيان وأنعم عَلَيْهِم وأجزل الصَّدقَات وَكَانَت عِمَارَته فى سنة أَربع وَعشْرين وَألف واخترع الْفُضَلَاء لذَلِك تواريخ عديدة بِكُل لِسَان وَمن ألطف مَا قيل فِيهِ خير جارى وَأكْثر من شِرَاء الحبوش وَكَانَت التُّجَّار تجلبهم اليه يتغالون فى أثمانهم الى أَن كثر واجدا يُقَال ان جملَة مَا اشْتَرَاهُ من الذُّكُور نَحْو ألفى حبشى وَكَانَ الجلب أول مَا يَشْتَرِيهِ يُسلمهُ الى من يُعلمهُ الْقُرْآن والخط ثمَّ الى من يُعلمهُ الفروسية واللعب بِالسَّيْفِ وَالْعود والسهام الى أَن يتفرس فى أَنْوَاع الْحَرْب والحيل وَالْخداع ثمَّ يترقى وصاروا يترقون فى الْمَرَاتِب ويتفاضلون فى المناصب كل بِمِقْدَار سَعْيه واستحقاقه ومرتبته وَكَانَ لَهُم اعتناء باقامة الْجَمَاعَة وَأُمُور الدّين وَكَانَ لكل أَمِير مِنْهُم فَقِيه يتَعَلَّم مِنْهُ الْفِقْه وَأُمُور الدّين وامام يصلى بِهِ ومؤذن وَجَمَاعَة يتدارسون الْقُرْآن وَجَمَاعَة يذكرُونَ الله تَعَالَى لَيْلَة الْجُمُعَة والاثنين وَكَانَ لكل أَمِير سماط مَمْلُوء بأنواع الاطعمة الفاخرة وَبِالْجُمْلَةِ فانهم وان كَانُوا عبيدا حبشة فَلم تكن الْعَرَب تفوقهم الا بِالنّسَبِ وقصده جمَاعَة من مشاهير شعراء عصره من الْبِلَاد الشاسعة ومدحوه بِأَحْسَن المدائح وَكَانَ السُّلْطَان ابراهيم عَادل شاه أظهر لَهُ الْعَدَاوَة والحسد وَبلغ غَايَة جهده فى اضمحلال هَذَا الرجل وبذل أَمْوَالًا كَثِيرَة لمن يقْتله أَو يسمه فَلم يقدر لَهُ ذَلِك وَمن عداوته لَهُ انه عزم