للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحصار وَأهل حرفه أحذق الفطناء وأفطن الحسذاق فَمَا من صَنْعَة الا وَمن مشربهم مطْلعهَا وَمَا من حِكْمَة الا وَعِنْدهم شرفها واليهم منزعها وَمَا من حِرْفَة تُوجد الا وَجدتهَا فيهم وَمَا من عمل يعرف الا اجتنى من مغانيهم وَمن أحسن بِلَاد الْهِنْد بَلْدَة بيجافور وفيهَا وقف على عَادل للسادة وَالْعرب أوقف عَلَيْهَا أراض تصرف غلقها للسادة وَالْعرب وفى هَذِه الْبَلدة وهى مَحل السلطنة مَكَان عَظِيم الشان مُحكم الْبُنيان تَحْتَهُ بركَة كَبِيرَة كَأَنَّمَا عناها الشَّاعِر بقوله

(وبركة للعيون تبدو ... فى غَايَة الْحسن والصفاء)

(كَأَنَّهَا اذ صفت وراقت ... فى الارض جُزْء من السَّمَاء)

خَفِيفَة المَاء العذب لَطِيفَة الْهَوَاء الرطب وبستان مَعْرُوف الاشجار مونق الثِّمَار وَهُوَ منتزه بديعى حسن بمحاسنه يذهب عَن الْقلب الْحزن

(عَلَيْهِ من بهاء الْبَدْر نور ... وَوصف الشَّمْس يكسوه الشعاعا)

وفى هَذَا الْمَكَان خزانَة من الْخشب وَعَلِيهِ ستور وداخل الخزانة قَبْضَة من ذهب فِيهَا من الْآثَار الشَّرِيفَة أعنى آثَار النَّبِي

شَعرَات من شعره وفى كل لَيْلَة جمعه وَلَيْلَة اثْنَيْنِ يَجْعَل للْعَرَب خبز وحلوى وَمن أعظم حصونه حصن دولة آباد الذى ضاهى ارْمِ ذَات الْعِمَاد وَهُوَ عَجِيب الْوَضع وَالْبناء بِحَيْثُ يزْعم النَّاظر اليه انه من وضع الْجِنّ لغرابه أمره وَمن عَادَة سلاطينها وملوكها ووزرائها انهم يعتنون بالليالى الفاضلة كليلة الْعِيدَيْنِ وَلَيْلَة عَاشُورَاء والمولد والمعراج وَالنّصف من شعْبَان وليالى رَمَضَان يحيونها بِالذكر وتلاوة الْقُرْآن وتنشد المدائح النَّبَوِيَّة السائر بهَا الركْبَان ويجتمع عِنْدهم فى تِلْكَ الليالى الْعلمَاء والصلحاء والقراء والكبراء والفقراء ويمدون لَهُم الاسمطة الْعَظِيمَة ويفرع على كواهلهم التشاريف الجسيمة وَقد سبقهمْ الى تَعْظِيم بعض هَذِه الليالى كثير من الْمُلُوك فقد ذكر المؤرخون ان الْملك المظفر صَاحب اربل كَانَ ينْفق لَيْلَة المولد النبوى ألف دِينَار وَقد قيل فى سماطه فى بعض المواليد فِيمَا حَكَاهُ سبط ابْن الجوزى فى مرْآة الزَّمَان خَمْسَة آلَاف راس غنم مشوى وَعشرَة آلَاف دجَاجَة وَمِائَة ألف زبدية حامضة وَثَلَاثُونَ ألف صحن حلوى ويخص أَعْيَان الْعلمَاء بِالْخلْعِ والكرامات وَيُطلق لَهُم عنان العطيات انْتهى ثمَّ حصل لهاتيك الديار تغير واضمحلال بِسَبَب انهم اتَّخذُوا رُؤَسَاء جهلاء وَالله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>