للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشريف فهيد بن الْحسن بن أَبى نمى أحد أَشْرَاف مَكَّة كَانَ من أمره أَنه شَارك أَخَاهُ الشريف ادريس وَابْن أَخِيه الشريف محسن بن حُسَيْن بِالربعِ فى جَمِيع أقطار الْحجاز الدَّاخِلَة تَحت حكم صَاحب مَكَّة فكثرت أَتْبَاعه من الاشراف وَغَيرهم بِحَيْثُ صَار موكبه يضاهى موكب الْملك وَكَانَ اذا جلس وقفت التّرْك عَن يَمِينه وشماله وَاتخذ رُمَاة للبندق نَحْو مِائَتَيْنِ أَو أَكثر وَلم يحفظ أَتْبَاعه وعبيده من النهب وَالسَّرِقَة فَكثر ضَرَره على النَّاس وَعجز عَن مداراته الشريف ادريس وَلما اشْتَدَّ أمره أَخذ بِجَانِب أكمل الدّين القطبى وَأَرَادَ أَن يصيره مفتيا فَلم يرض الشريف ادريس وَوَقع بَينهمَا فَأرْسل الشريف ادريس لِابْنِ أَخِيه الشريف محسن وَكَانَ اذ ذَاك فى الْيمن بِأَن يأتى بِجَمِيعِ من مَعَه من الاشراف والقواد وَالْعرب فَحَضَرَ وَمَعَهُ أَمِير حلى مُحَمَّد بن بَرَكَات الحرامى ونودى فى مَكَّة بِأَن الْبِلَاد لله وللسلطان وللشريف ادريس والشريف محسن وخلع الشريف فهيد من الذّكر وَمنع من الرّبع وَلم يخْطب لَهُ وَكَانَ يَوْمئِذٍ بِمَكَّة فى بَيته وجموعه وافرة فاستعد أَصْحَابه لِلْقِتَالِ وَأَشَارَ اليه أعيانهم بِالْحَرْبِ فَامْتنعَ من ذَلِك وَطلب من الشريف ادريس مِقْدَار شهر مهله ليتأهب لِلْخُرُوجِ من مَكَّة وَيتَوَجَّهُ الى حَيْثُ أَرَادَ فَخرج من مَكَّة فى سنة تسع عشرَة وَألف وَطلب من أَخِيه الشريف ادريس أَن يُمكنهُ من سُكْنى مَكَّة بِغَيْر ربع فَامْتنعَ فانضم الى بعض أكَابِر الْحَاج المصرى وسافر الى مصر وتاريخ قدومه مصر قدومكم خير ثمَّ توجه الى الديار الرومية وَاجْتمعَ بالسلطان أَحْمد فَيُقَال انه أنعم عَلَيْهِ بأماره مَكَّة فعاجلته الْمنية وَمَات هُنَاكَ فى سنة عشْرين بعد الالف وَقيل فى تَارِيخ مَوته مَاتَ بالروم فهيد بن الْحسن

فيض الله بن أَحْمد الْمَعْرُوف بِابْن الْقَاف الرومى قاضى الْعَسْكَر أحد مشاهير فضلاء الرّوم كَانَ فَاضلا أديبا فصيح اللهجة هدار الشقشقة طنان الصيت وَله تَقْرِير وتحرير وأشعار بِالْعَرَبِيَّةِ حَسَنَة التأدية ولى فى ابْتِدَائه قَضَاء حلب وَلما دَخلهَا أنْشد لنَفسِهِ قصيدة طَوِيلَة فى مدحها ومستهلها

(الْحَمد لله منجينا من الكرب ... جِئْنَا الى حلب الشهبا بِلَا تَعب)

(مصر جَلِيلًا خَلِيل الله عمره ... طُوبَى لساكن مصر قد بناه نبى)

(وَلَيْسَ قصدى سوى دفع الْمَظَالِم عَن ... ذِي حَاجَة عَاجز يَدْعُو وَلم يجب)

ثمَّ بعد مُدَّة من عَزله عَن قَضَائهَا وَجه اليه قَضَاء الشَّام وَذَلِكَ فى سنة تسع وَتِسْعين

<<  <  ج: ص:  >  >>