وَهُوَ قاضى الْعَسْكَر بروم ايلى وبوسيلته والتقرب مِنْهُ نَالَ مَا نَالَ وَصَارَ قاضى الْحَج وقاضى الْعَسْكَر فى صُحْبَة أَحْمد باشا الْوَزير الْمَعْرُوف بالكوجك لما سَافر على بن معن ودرس بالدرويشية برتبة الدَّاخِل الْمَعْرُوفَة الْآن ثمَّ أعْطى رُتْبَة قَضَاء الْقُدس وَعظم قدره جدا وأثرى وَبِالْجُمْلَةِ فقد نَالَ أمانيه من الزَّمَان على وفْق المقترح وَلم يخدشه الدَّهْر بخدشة الا أَنه لم يعمر كثيرا وَكَانَت وِلَادَته فى سنة احدى وَألف وأرخ العمادى الْمُفْتى وِلَادَته بقوله على لِسَان وَالِده ذَا ولدى طالعه أسعد وَتوفى لَيْلَة الْجُمُعَة سلخ شعْبَان سنة سبع وَأَرْبَعين وَألف وَدفن على أَبِيه بالمدفن الْخَاص بِنَا قرب جَامع جراح
الشريف محسن بن الْحُسَيْن بن الْحسن بن أَبى نمى سُلْطَان الْحَرَمَيْنِ كَانَ من أمره أَنه نَشأ فى كَفَالَة أَبِيه وجده وَكَانَ جده يُنَوّه بِقَدرِهِ ويقدمه لنباهته ونجابته وَظُهُور آثَار الرياسة عَلَيْهِ فى صغره وَكَانَ يقدمهُ فى الحروب فَيرجع مظفرا منصورا وعدوه مخذولا مقهورا جبل على مَكَارِم الاخلاق وطار صيته فى الْآفَاق وَلما تولى عَمه أَبُو طَالب امارة مَكَّة أحله مَحل وَلَده الى أَن مَاتَ أَبُو طَالب فشارك عَمه الشريف ادريس فى امارة مَكَّة وَلبس الخلعة الثَّانِيَة ودعى لَهُ فى الْخطْبَة وَعقد لَهُ لِوَاء الامارة وَضربت لَهُ النّوبَة الرومية فى بَيته ووردت الاوامر السُّلْطَانِيَّة برسمه وَأَتَتْ المراسيم اليه مَعَ عَمه وَاسْتمرّ شريكان بِالربعِ الى أَن أذن الله لَهُ بالاستقلال بِولَايَة الْحجاز فَجرى بَينه وَبَين عَمه حَال أدّى الى قِيَامه عَلَيْهِ وَبَايَعَهُ جَمِيع الاشراف على ذَلِك فَخلع عَمه الشريف ادريس واستقل بالامر يَوْم الْجُمُعَة سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَألف وفى سادس شهور ربيع الاول من هَذِه السّنة وَردت اليه من صَاحب مصر الْخلْع وفى شعْبَان خرج الى الْمَبْعُوث وَأَقْبَلت اليه الْوُفُود من كل النواحى ثمَّ دخل مَكَّة فى شَوَّال فى موكب عَظِيم وَدخل الْمَسْجِد وَنصب لشيخ الاسلام عبد الرَّحْمَن بن عِيسَى المرشدى منبرا بِالْحَطِيمِ وَقَرَأَ المرسوم السلطانى وَبعد تَمام قِرَاءَته قلد الشريف محسن بِسيف مجوهر ثمَّ ألبس الخلعة السُّلْطَانِيَّة ثمَّ فتح لَهُ الْبَيْت الْعَتِيق فَطَافَ والخلعة عَلَيْهِ ثمَّ توجه الى منزله فجِئ لَهُ بخلعة صَاحب مصر فلبسها ثمَّ نشر الْعدْل وانتظم بِهِ الْحَال واطمأنت الرّعية وَكثر الدُّعَاء لَهُ وَدخل فى سلك طَاعَته سَائِر الْفرق العاصية ثمَّ توجه الى الْمَبْعُوث سائرا الى بجيلة ونواحيها وناصره فى جَيش جرار فَلَمَّا علمُوا بمجيئه جَاءَتْهُ مَشَايِخ بجيلة ووجوه أَهلهَا مُطِيعِينَ لامره