للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القاضى أكمل الدّين بن برهَان الدّين بن قاضى الْقُضَاة نجم الدّين بن مُفْلِح الرامينى الْمُحدث الرحلة المورخ أَخذ عَن مَشَايِخ عصره واستجاز لَهُ أَبوهُ من شيخ الاسلام السَّيِّد كَمَال الدّين مُحَمَّد بن حَمْزَة مفتى دَار الْعدْل وتعانى فى مبدا أمره الشَّهَادَة بالمحكمة ثمَّ سَافر الى الرّوم وَأقَام بهَا مُدَّة وَقَرَأَ على الْعَلامَة عز الدّين خَلِيل الحلبى الْمَعْرُوف بِابْن النَّقِيب نزيل قسطنطينية وَولى قَضَاء بعلبك وصيدا ثمَّ اسْتَقر بِدِمَشْق وَكَانَ أَكثر مقَامه بقصره الشامخ بصالحية دمشق قبالة دَار الحَدِيث الاشرفية الْمَعْرُوف الْآن بقصر بنى كريم الدّين وبقاعته قرب الْمدرسَة المقدمية بَاطِن دمشق وَكَانَ لَهُ يَد طولى فى علم التَّارِيخ وَكتب تَارِيخا ترْجم فِيهِ معاصريه وَكَانَ يكْتب الْخط الْحسن الْمَنْسُوب وَفِيه يَقُول الْحسن البورينى

(لَا كمل مَوْلَانَا خطوط كَأَنَّهَا ... خطوط عذار زينت صفحة الخد)

(اذا مَا امتطى مِنْهُ اليراع أناملا ... أَرَاك سطور الْمجد فى فلك السعد)

(فَهَذَا لعمرى مُفْلِح وَابْن مُفْلِح ... فناهيك مولى فاق بالجد وَالْجد)

وَكَانَ مَعَ كَثْرَة أدبه واطلاعه لم ينظم شعرًا سوى مَا رَأَيْته فى بعض المجاميع انه روى لَهُ هَذَا الْبَيْت وَلم يتَّفق لَهُ غَيره وَهُوَ قَوْله

(أَلَيْسَ عجيبا ان حظى نَاقص ... وغيرى لَهُ حَظّ وانى لَا كمل)

وَكَانَ كثير الْفَوَائِد وَرَأَيْت بِخَطِّهِ مجاميع كَثِيرَة ونقلت مِنْهَا أَشْيَاء مستظرفة فَمن ذَلِك هَذِه الْفَائِدَة فِيمَا تَقوله الْعَرَب انه أحد الشَّيْئَيْنِ حسن شعر الْمَرْأَة أحد الْوَجْهَيْنِ والقلم أحد اللسانين وَحسن المرافقة أحد النفقتين ونشيد الهجاء أحد الهجاءين والعزل عَن الْمَرْأَة أحد الوأدين والادب أحد الحسبين والجنوب أحد المطرين وَحسن الْمَنْع أحد البذلين وَالسُّؤَال عَن الصّديق أحد اللقاءين والتثبت أحد العزمين وَالْقَرْض أحد الهبتين والتلطف فى الْحَاجة أحد الشافعين واللطافة أحد الحضتين وَحسن الْخط أحد البلاغتين واليأس أحد الراحتين والطمع أحد المعرتين وَسُوء الْخلق أحد المصيبتين وَمن ذَلِك هَذِه العجيبة قَالَ أخبرنى شَيخنَا شيخ الاسلام أَبُو الْفَتْح المالكى ابْن عبد السَّلَام أَنه لما توجه فى سنة ثَلَاث وَخمسين وَتِسْعمِائَة الى دَار السلطنة قسطنطينية نزل بِمَدِينَة قونيه فَرَأى بهَا رجلا بلحية كَبِيرَة سَائِلَة الى صَدره وَهُوَ يتعاطى المتجر فَتحَرَّر أمره أَنه امْرَأَة وَله فرج أُنْثَى وكشف عَلَيْهِ حَاكم تِلْكَ الْمَدِينَة فَوَجَدَهُ أُنْثَى بفرج فحلق لحيته وَأمره بالسترة

<<  <  ج: ص:  >  >>