للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبِه اسْتغنى عَن التَّرَدُّد الى غَيره وَحكى عَن وَالِده انه قَالَ تركت مُحَمَّدًا بِحَمْد الله تَعَالَى لَا يحْتَاج الى أحد من عُلَمَاء عصره الا فى النَّادِر وَكَانَت بدايته بنهاية وَالِده وَحفظ الْقُرْآن والبهجة وَغَيرهمَا وَأخذ عَن شيخ الاسلام القاضى زَكَرِيَّا وَالشَّيْخ الامام برهَان الدّين بن أَبى شرِيف رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ رَأَيْت الشَّيْخ زَكَرِيَّا كالالف فى الانتصاب وَرَأَيْت برهَان الدّين وَهُوَ قَاعد الى هَيْئَة السُّجُود أقرب من الْهَرم فَقلت لوالدى مَا بَال الشَّيْخ زَكَرِيَّا مَعَ كَونه أسن من الشَّيْخ برهَان الدّين أصح جسما ومنتصب الْقَامَة فَقَالَ كَانَ الشَّيْخ برهَان الدّين يكثر الْجِمَاع حدا فأسرع اليه الْهَرم وَأما الشَّيْخ زَكَرِيَّا فَكَانَ معرضًا عَن ذَلِك جدا انْتهى وَذكر النَّجْم الغزى فى تَرْجَمته أَن لَهُ رِوَايَة عَن شيخ الاسلام أَحْمد بن النجار الْحَنْبَلِيّ وَشَيخ الاسلام يحيى الدَّمِيرِيّ الْمَالِكِي وَشَيخ الاسلام الطرابلسى الحنفى وَالشَّيْخ سعد الدّين الذهبى الشافعى وَكَانَ عَجِيب الْفَهم جمع الله تَعَالَى لَهُ بَين الْحِفْظ والفهم وَالْعلم وَالْعَمَل وَكَانَ مَوْصُوفا بمحاسن الاوصاف وَذكره الشَّيْخ عبد الْوَهَّاب الشعرانى فى طبقاته الْوُسْطَى فَقَالَ صحبته من حِين كنت أحملهُ على كتفى الى وقتنا هَذَا فَمَا رَأَيْت عَلَيْهِ مَا يشينه فى دينه وَلَا كَانَ يلْعَب فى صغر مَعَ الاطفال بل نَشأ على الدّين وَالتَّقوى والصيانة وَحفظ الْجَوَارِح ونقاء الْعرض رباه وَالِده فَأحْسن تَرْبِيَته وَلما كنت أحملهُ وَأَنا أَقرَأ على وَالِده فى الْمدرسَة الناصرية كنت أرى عَلَيْهِ لوائح الصّلاح والتوفيق فحقق الله رجائى فِيهِ وَأقر عين المحبين بِهِ فانه الْآن مرجع أهل مصر فى تَحْرِير الْفَتَاوَى وَأَجْمعُوا على دينه وورعه وَحسن خلقه وكرم نَفسه وَلم يزل بِحَمْد الله فى زِيَادَة من ذَلِك انْتهى وَجلسَ بعد وَفَاة وَالِده للتدريس فأقرأ التَّفْسِير والْحَدِيث والاصول وَالْفُرُوع والنحو والمعانى وَالْبَيَان وبرع فى الْعُلُوم النقلية والعقلية وَحضر درسه أَكثر تلامذة وَالِده وَمِمَّنْ حَضَره الشَّيْخ نَاصِر الدّين الطبلاوى الذى كَانَ من مُفْرَدَات الْعَالم مَعَ أَنه فى مقَام أبنائه فليم على ذَلِك وَسُئِلَ عَن الداعى الى ملازمته فَقَالَ لَا داعى لَهَا الا أَنى أستفيد مِنْهُ مَا لم يكن لى بِهِ علم ولازمه تلميذ أَبِيه الشهَاب أَحْمد بن قَاسم وَلم يُفَارِقهُ أصلا وَسُئِلَ ابْن قَاسم مرّة أَن يعْقد مجْلِس الْفِقْه فَقَالَ مَعَ وجود الشَّيْخ شمس الدّين الرملى لَا يَلِيق وطار صيته فى الْآفَاق وَولى عدَّة مدارس وَولى منصب افتاء الشَّافِعِيَّة وَألف التآليف النافعة مِنْهَا شرح الْمِنْهَاج أَتَى فِيهِ بالعجب العجاب وَشرح الْبَهْجَة الوردية وَشرح الطَّرِيق

<<  <  ج: ص:  >  >>