للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على ذَلِك كفر وتطلب من أقرانه عمل رِسَالَة على وفْق مُرَاده فامتنعوا من ذَلِك وَقَالُوا انه أَخطَأ حَيْثُ قَالَهَا للعوام وَمِنْهُم من أحجم وَلم يتَكَلَّم وَقَالَ قد وَقع فِيهَا خلاف وَمَا رجحوا مِنْهَا قولا لَا ينْقل وَطَالَ التنقيب على هَذِه المسئلة حَتَّى ألف الشَّيْخ أَيُّوب الخلوتى الْمُقدم ذكره فى ذَلِك رِسَالَة سَمَّاهَا السك الموفى على رَقَبَة المنوفى وهى رِسَالَة جَامِعَة لكل منثور ومنظوم فَكف بعد المنوفى عَن الدَّرْس وَأقَام الى عيد الْفطر ثمَّ رَحل الى نَاحيَة الرّوم وَالسُّلْطَان مُرَاد فى نواحى حلب قَاصد الْمسير الى روان فصحب الْعَسْكَر الى بَغْدَاد وأنجحت سفرته ونال أمانيه ثمَّ بعد فتح روان رَجَعَ الى دمشق فَابْتلى بِمَرَض الامعاء وقاسى آلاما شديده وَكَانَ سَبَب مَوته هَذَا خُلَاصَة مَا نقلته من ثَبت الشَّيْخ مُحَمَّد بن على المكتبى الدمشقى وَرَأَيْت للمترجم تَرْجَمَة فى السلافة وَصَاحب السلافة سبطه قَالَ فى تَرْجَمته هُوَ جدى لامى وَمن مَلَأت بِهِ من عريق النّسَب كمى امام الائمة الشَّافِعِيَّة وَرب الفطنة الالمعية ملك الْعُلُوم زماما وَتقدم فى مقَام الْفضل اماما فصلت الافاضل خَلفه وظلت الْفَضَائِل حلفه لَا يشق لَهُ غُبَار فى مضمار سباق وَلَا يباريه مبار فى اصطباح واغتباق وَلَا سوى الْفضل والادب صبوح وغبوق وَهُوَ السَّابِق فيهمَا وَمن عداهُ مَسْبُوق وَكَانَ قد شدّ لرحلة الرّوم ركابه وابله

(يُرِيد بسطة كف يَسْتَعِين بهَا ... على قَضَاء حُقُوق للعلى قبله)

فأسفرت سفرته عَن وُجُوه آماله وَأهب عَلَيْهِ الاقبال نسائم قبُوله وشماله فَتَلقاهُ ملكهَا بِأَهْل ومرحب وأنزله من ألطافه واسعافه أفسح منزل وأرحب ونفحه بنفحات عنايته المسكية حَتَّى قَلّدهُ أَكثر المناصب المكية فَلَمَّا عَاد الى وَطنه بِقَضَاء أمله ووطره نصبت لَهُ الْمنون أشراكها فى طَرِيقه وأغصته اذ ساغت لَهُ أمانيه بريقه ثمَّ قَالَ وَلَا يحضرنى الْآن من شعره غير مَا رَأَيْته مَنْسُوبا اليه بِخَط سيدى الْوَالِد وَهُوَ

(عتبت على دهرى بأفعاله الَّتِى ... أضاق بهَا صدرى وأضنى بهَا جسمى)

(فَقَالَ ألم تعلم بِأَن حوادثى ... اذا أشكلت ردَّتْ لمن كَانَ ذَا علم)

قَالَ وَهَذَانِ بيتان لَا يشيد مثلهمَا الا من شاد ربوع الادب وسارع لاقتناص شوارد القريض وانتدب وهما أنموذج براعته وبلاغته واقتداره على سبك ابريز الْكَلَام وصياغته وَقد صدرتهما وعجزتهما فَقلت

<<  <  ج: ص:  >  >>