وَكَانَ بلغنى أَنه ركض على فى ميدان حضرتك بعض اللئام وَوضع قدم قَوْله حَيْثُ شَاءَ من الملام ونسبنى الى البطر والجموح وسلك طَرِيق قلَّة الادب الْمَتْرُوك الْمَطْرُوح وان الْبَحْر على تعكر والورد الصافى تكدر
فوَاللَّه لَيْسَ لما قيل أصل أصيل وَكنت أود أننى أتوصل الى بره وأكرع عَن فائض بحره وأرد مواردا حسانه وأفوز بِلُطْفِهِ وامتنانه فَلَا خير فى حب لَا يحمل أقذاؤه وَلَا يشرب على الكدر مَاؤُهُ وَمَعْلُوم حَضرته أَن الْبَهَائِم لَا تعلم شعر أَبى تَمام وَلَا تعرف مَا بلاغة أَبى الطّيب الْهمام وَلَا تطرب الْخَيل الا لسَمَاع الْكَيْل وَلَا تستغنى الاكاديش عَن أكل الْحَشِيش والعلاف لَا يعرف مسَائِل الْخلاف ومالكى وان كَانَ هُوَ الاصيل العريق لكنه مقتر للضيق فى العليق كثير الشّعْر قَلِيل الشّعير ينشد بِلِسَان التَّقْصِير
(ومالى صَنْعَة غير القوافى ... وَشعر لَا يُبَاع وَلَا يعار)
فالشعير أبعد من الشعرى العبور وَلَا وُصُول اليه وَلَا عبور فالبطن ضامر لَا يشد عَلَيْهِ حزَام والفم خَال لَيْسَ فِيهِ سوى اللجام وَقد بليت بعد الهزال بالخرس وَصَارَ حالى كَمَا قيل الجل خير من الْفرس وغيرى مِمَّن هُوَ دخيل لَيْسَ لَهُ أصل وَلَا فصل وَلَا أدب وَلَا فضل يرتع فى رياض الانعام وَالْبر التَّام
(حمَار يسيب فى رَوْضَة ... وطرف بِلَا علف يرْبط)
فان أنعم الْمولى دَامَ لَهُ المسار بِمنْصب فى هَذِه الديار فَأكْرم الْخَيل أَشدّهَا حنينا الى وَطنه وَأعْتق الابل أَكْثَرهَا نزاعا نَحْو عطنه فلينتهز فرص الاقتدار ويغتنم التجاوز عَن عثرات الاحرار فالدابة تضرب على النفار لَا على العثار فَلَيْسَ لى سواهُ من أعول عَلَيْهِ وَأَرْفَع قصتى اليه
(وهيهات أَن يثى الى غير بَابه ... عنان المطايا أَو يشد حزَام)
(وَدم وابق فى سعد وَعز مخلد ... وخيلك فى أوج السَّعَادَة تسبق)
قلت وَقد حذا فى هَذِه الرسَالَة حَذْو الوهرانى فى رقعته الَّتِى كتبهَا على لِسَان بغلته وعلقها فى عُنُقهَا وسيبها فى دَار الامير عز الدّين موسك وهى من محَاسِن