للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

اليه وَعِنْده دَائِما وَمن طَالَتْ عشرته لانسان أمكنه اطِّلَاعه على مستكن رَأْيه فَقلت لَهُ أَيهَا الْوَزير هُنَاكَ ذكاء غَالب وذهن وقاد فَقَالَ فعلى هَذَا مَا مذْهبه قلت لَا ينْسب الى شئ لكنه أَقَامَ بِالْبَصْرَةِ زَمَانا طَويلا وصادف بهَا جمَاعَة عِنْدهم أَصْنَاف الْعلم فصحبهم وخدمهم وَكَانَت هَذِه الْعِصَابَة قد تآلفت بِالْعشرَةِ وتصافت بالصداقة وَاجْتمعت على الْقُدس وَالطَّهَارَة والنصيحة فوضعوا بَينهم مذهبا زَعَمُوا انهم قربوا بِهِ الطَّرِيق الى الْفَوْز برضوان الله تَعَالَى وَذَلِكَ انهم قَالُوا ان الشَّرِيعَة قد دنست بالجهالات واختلطت بالضلالات وَلَا سَبِيل الى غسلهَا وتطهيرها الا بالفلسفة وَزَعَمُوا انه مَتى انتظمت الفلسفة اليونانية والشريعة الْعَرَبيَّة فقد حصل الْكَمَال فصنفوا خمسين رِسَالَة فى خمسين نوعا من الْحِكْمَة ومقالة حادية وَخمسين جَامِعَة لانواع المقالات على طَرِيق الِاخْتِصَار والايجاز وسموها رسائل اخوان الصَّفَا وكتموا فِيهَا أَسْمَاءَهُم وبثوها فى الوراقين ووهبوها لاكثر النَّاس فحشوا هَذِه الرسائل بالكلمات الدِّينِيَّة والامثال الشَّرْعِيَّة والحروف المحتملة والطرق المموهة وهى محشوة من كل فن بِلَا اشباع وَلَا كِفَايَة وفيهَا خرافات وكنايات وتلفيقات وتلزيقات فتعبوا وَمَا طربوا وعنوا وَمَا أغنوا ونسجوا فهلهلوا ومشطوا فغلغلوا وَبِالْجُمْلَةِ فهى مقالات مشوقات غير مستقصاة والا ظَاهِرَة الادلة والاحتجاج وَلما كتم مصنفوها أَسْمَاءَهُم اخْتلف النَّاس فى الذى وَضعهَا فَكل قوم قَالُوا قولا بطرِيق الحدس والتخمين قوم قَالُوا هى من كَلَام بعض الائمة العلويين وَقَالَ آخَرُونَ هى تصنيف بعض متكلمى الْمُعْتَزلَة فى الْعَصْر الاول وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال انْتهى ثمَّ رَأَيْت ابْن حجر المكى ذكر فى فَتَاوِيهِ وَقد سُئِلَ من صَاحب رسائل اخوان الصَّفَا وَمَا تَرْجَمته وَمَا حَال كِتَابه فَأجَاب بقوله نَسَبهَا كثير الى جَعْفَر الصَّادِق وَهُوَ بَاطِل وانما الصَّوَاب أَن مؤلفها مسلمة بن أَحْمد بن قَاسم بن عبد الله المجريطى وَيُقَال المرجيطى ومجريط من قرى الاندلس ويكنى أَبَا الْقسم كَانَ جَامعا لعلوم الْحِكْمَة من الالهيات وطبائع الاحجار وخواص النَّبَات واليه انْتهى علم الْحِكْمَة بالاندلس وَعنهُ أَخذ حكماء ذَلِك الاقليم وَتوفى بهَا فى آخر جُمَادَى سنة ثَلَاث وَخمسين وثلثمائة وَهُوَ ابْن سِتِّينَ سنة وَمِمَّنْ ذكره ابْن بشكوال وَغَيره وَكتابه فِيهِ أَشْيَاء حكمِيَّة وفلسفية وشرعية وَمِمَّنْ شدد عَلَيْهِ ابْن تَيْمِية لكنه يفرط فى كَلَامه فَلَا تغتر بِجَمِيعِ مَا يَقُوله انْتهى وَكَانَت ولادَة البهائى فى سنة عشرَة وَألف وَتوفى فى ثَالِث عشر صفر سنة

<<  <  ج: ص:  >  >>