للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ فى الاصول وَالْفِقْه عَلامَة وَله الْيَد الطُّولى فى الْكَلَام والمنطق وَالْبَيَان والعربية قدم دمشق فى سنة سبع وَسبعين وَتِسْعمِائَة ودخلها لابسا عباءة من الصُّوف وثوبا من القماش الابيض الْقطن وجاور بِجَامِع دمشق فى بَيت خطابته ثمَّ انْتقل الى الْمدرسَة العزيزية جوَار الكلاسة وَحضر دروس الْبَدْر الغزى ولازم ابا الفدا اسماعيل النابلسى وَقَرَأَ فقه الشافعى على الشهَاب العيثاوى ثمَّ تحنف وَولى وظائف وتدريس مِنْهَا الْمدرسَة الدرويشية وبقعة فى الْجَامِع الاموى وَتَوَلَّى تصدير حَدِيث بالجامع الْمَذْكُور وَكَانَ لَهُ من صندوق السلطنة فى كل يَوْم مَا يزِيد على أَرْبَعِينَ عثمانيا وَتَوَلَّى مشيخة الْجَامِع فَسمى شيخ الْحرم الاموى وَتَوَلَّى تَوْلِيَة الدرويشية وَعظم أمره وَتردد الى الْقُضَاة وشمخ بِأَنْفِهِ حِين رَجَعَ النَّاس اليه وَكَانَ يحضر دروسه أفاضل الْوَقْت ودرس التَّفْسِير بالجامع وَكَانَ فى لِسَانه لكنة عَظِيمَة حَتَّى انه كَانَ لَا يفصح عَن كَلَامه أبدا وشاع ذكره فى الاقطار الشامية وَلما مرض مرض الْمَوْت وَثقل فى مَرضه حضر اليه قاضى الْقُضَاة بِدِمَشْق الْمولى ابراهيم بن على الازنبقى وعاده وَقَالَ لَهُ أفرغ عَن وظائفك لنائبنا حسن الطَّوِيل وَهُوَ ابْن عُثْمَان الذى ذَكرْنَاهُ فى حرف الْحَاء فَيُقَال انه أفرغ لَهُ وَقيل انه لم يفرغ وَلَكِن كتب ذَلِك القاضى رَغْبَة أَن تصير الْجِهَات الْمَذْكُورَة لنائبه وَقَالَ لَهُ القاضى ايْنَ أموالك فَقَالَ لَهُ وَمَا تُرِيدُ بأموالى فَقَالَ لَهُ نُرِيد أَن نحرزها خوفًا عَلَيْهَا من سَارِق يَأْخُذهَا وَأَنت مَرِيض فَيُقَال انه أذن لَهُ فى أَخذهَا وَقيل بل أَخذهَا القاضى جبرا فَلَمَّا أخذت أَمْوَاله أَفَاق من سَكَرَات مَرضه وَطلب الاموال من حسن الطَّوِيل فَقَالَ لَهُ وَمَا تصنع بهَا ان كنت مُحْتَاجا الى شئ من المَال أقرضتك من عندى مَا تخرجه وَأما مَالك فانى لَا أَسْتَطِيع احضاره اليك خوفًا عَلَيْهِ فَيُقَال انه لما قَالَ ذَلِك احتد وَاشْتَدَّ غيظه وَمد يَده الى لحية النَّائِب وضربه على رَأسه فَقَالَ لَهُ أَنْت فى جُنُون الْمَرَض وَلَا حرج عَلَيْك فِيمَا فعلته وَلم يَأْتِ لَهُ بِالْمَالِ فانتكس وَرجع الى الْمَرَض بعد ان كَانَ أبل مِنْهُ قَلِيلا وَمَات عقيب ذَلِك وَكَانَت وَفَاته فى لَيْلَة الِاثْنَيْنِ عشرى شعْبَان سنة سِتّ عشرَة وَألف وَدفن شمالى تربة مرج الدحداح فى أقصاها عَن بضع وَسِتِّينَ سنة وَكَانَ بنت من أمة سَوْدَاء فنفاها قبل مَوته بأشهر لامر رَآهُ على الامة فَأنكرهُ ثمَّ بعد مَوته ثَبت نسب الْبِنْت اليه بِشَهَادَة قاضى الْقُضَاة على اقراره واخر ثمَّ جَاءَ بعد مُدَّة ابْن عَم لَهُ من بَغْدَاد الى دمشق فَصَالحه النَّائِب على شئ من المَال ثمَّ ذهب

<<  <  ج: ص:  >  >>