حُسَيْن وجهز مَعَه عدَّة من وزرائه وأمرائه إِلَى فتح الجزيرة بِتَمَامِهَا فوصل إِلَيْهَا ونازل قلعة رتمو واستعان عَلَيْهَا باللغم حَتَّى أهلك خلقا كثيرا من الفرنج بِسَبَب ذَلِك وَفتحهَا وَاسْتولى على جَمِيع قرى الجزيرة وَلم يبْق مِنْهَا مِمَّا خرج عَن ملك آل عُثْمَان فِي تِلْكَ الجزيرة إِلَّا قلعة قندية وَطَالَ أمرهَا مُدَّة مديدة حَتَّى فتحت فِي زمن سُلْطَان زَمَاننَا السُّلْطَان مُحَمَّد كَمَا سنذكر تَفْصِيل فتحهَا فِي تَرْجَمَة الْوَزير أَحْمد باشا الْفَاضِل وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن السُّلْطَان إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور كَانَ مَيْمُون النقيبة مَنْصُور الكتيبة وَكَانَت وِلَادَته فِي سنة أَربع وَعشْرين وَألف وخلع عَن الْملك فِي نَهَار الْخَمِيس سادس عشر رَجَب سنة ثَمَان وَخمسين وَألف وَكَانَت مُدَّة سلطنته ثَمَان سِنِين وَتِسْعَة أشهر وَذكر سَبَب خلعه يحْتَاج إِلَى تَفْصِيل مُمل أعرضنا عَنهُ لشهرته ومحصله أَنه كَانَ ارْتكب بعض أُمُور تتَعَلَّق بهوى النَّفس وَأطَال فِي تعاطيها حَتَّى مِلَّته أَرْكَان دولته ثمَّ اجْتَمعُوا وخلعوه من السلطنة وسلطنوا مَكَانَهُ وَلَده السُّلْطَان مُحَمَّد وَفِي ثَالِث يَوْم من خلعه قَتَلُوهُ وَدفن فِي مدفن عَمه الصَّالح السُّلْطَان مصطفى إِلَى جَانِبه بِجَامِع أياصوفيا وَمِمَّا اتّفق لَهُ وَلم يتَّفق لغيره من السلاطين فِيمَا أعلم أَنه رأى سلطنة أَبِيه وَعَمه وأخويه وَولده وَوجدت فِي بعض المجاميع الْقَدِيمَة فَائِدَة غَرِيبَة يُنَاسب إيرادها هُنَا محصلها أَنه استقرى من ولي السلطنة وَكَانَ اسْمه إِبْرَاهِيم فوجدوا لم يتم لأَحَدهم أمرهَا إِلَّا قتل وَقَالَ الرَّاغِب فِي محاضراته قَالَ أَبُو عَليّ النطاح كَانَ الْمهْدي يحب ابْنه إِبْرَاهِيم فَقَالَت لَهُ شكْلَة أم إِبْرَاهِيم أَلا ترَاهُ يَلِي الْخلَافَة فَقَالَ لَا وَلَا يَليهَا من اسْمه إِبْرَاهِيم إِن إِبْرَاهِيم الْخَلِيل أول نَبِي عذب بالنَّار وَإِن إِبْرَاهِيم بن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام لم يَعش وبويع إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي فَلم يتم لَهُ الْأَمر وَأحكم إِبْرَاهِيم الإِمَام أَمر الْملك فَقتل وَتمّ لغيره وَطلب الْخلَافَة إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن الْحُسَيْن فَمَا تمت لَهُ على جلالته وَكَثْرَة جَيْشه وَقد بَايع المتَوَكل لِابْنِهِ إِبْرَاهِيم الْمُؤَيد فَلم يتم لَهُ وَقتل وَمَا ذكر من اللغم هُوَ شَيْء غَرِيب يَنْبَغِي التعرّض للْكَلَام عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مستحدث وَهُوَ فِي الأَصْل من عمل الفرنج اصطنعوه فِي محاصرة بعض الْحُصُون فِي أَوَائِل الْقرن التَّاسِع على عهد السُّلْطَان سليم الْأَكْبَر واشتهر عِنْد مُلُوك الرّوم حَتَّى فاقوا فِيهِ على الفرنج وَكَيْفِيَّة عمله على مَا تلقيته من الأفواه ثمَّ وجدته فِي بعض المجاميع بِخَط بعض الأدباء أَنه إِذا حوصرت قلعة أَو حصن وتعسر تملكه لصعوبته يسوقون أَمَامه تَلا عَظِيما من التُّرَاب ثمَّ يحفرون من تَحت ذَلِك التُّرَاب سرداباً عَظِيما إِلَى أَن يصلوا إِلَى الأساس ثمَّ يجوّفون قَعْر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute