للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

كثير المجاهدات ملازما لِلْعِبَادَةِ متخليا عَن العلائق كلهَا لم يتَزَوَّج قطّ وَلَا غرس نخلا وَلَا بنى بَيْتا وَلَا تعلق بشئ من أَسبَاب الدُّنْيَا فِرَارًا من قَوْله

ذبح الْعلم على أفخاذ النِّسَاء وَعَملا بقوله

من غرس نخلا أَو بنى بَيْتا فقد ركن الى الدُّنْيَا وَهَكَذَا كَانَ

وَمن تبعه من السّلف الصَّالح لم يضعوا لبنى على لبنة وَلَا قَصَبَة على قَصَبَة الى أَن فارقوا الدُّنْيَا وَسبب ذَلِك أَنهم رَأَوْا الدُّنْيَا جِسْرًا مَنْصُوبًا على نهر عَظِيم وهم عابرون راحلون عَنهُ وَلَا غرو أَن من بنى مثل ذَلِك فقد تعرض للتلف وَلَقَد سَمِعت عَن الشَّيْخ المجذوب صندل الحبشى صَاحب المخا حِكَايَة تومى الى ذَلِك وَذَلِكَ أَن بعض مُلُوك الْهِنْد أرسل الى فُقَرَاء الشَّيْخ صندل بِمَال وَأمرهمْ أَن يبنوا لَهُ بَيْتا يسكنهُ وَيكون باشارة مِنْهُ فى أى مَوضِع يُرِيد فَلَمَّا أعلموه والتمسوا مِنْهُ الاشارة الى أى مَوضِع يُرِيد ليقدموا فى الْعِمَارَة فَقَامَ وَخرج بهم الى سَاحل الْبَحْر ثمَّ أشرا الى الباحة فى الْبَحْر وَقَالَ ابْنُوا هُنَاكَ فتحيروا فى ذَلِك فسألوا الْفَقِيه على الجازانى فتعجب من ذَلِك وَأَشَارَ اليهم بالذهاب الى الْفَقِير وَكنت اذ ذَاك بالمخا عِنْد رجوعى من الْحَج فى سنة سبع بعد الالف فَقلت الله أعلم أَن مَقْصُود الشَّيْخ صندل بالاشارة الى الْبَحْر الاشارة الى فنَاء الدُّنْيَا وزوالها وان من فِيهَا كَأَنَّهُ مبْنى على أمواج الْبَحْر هَذَا مَا قَالَه الشَّيْخ شيخ وَكَانَت وَفَاة السَّيِّد مُحَمَّد فى سنة سِتّ بعد الالف

مُحَمَّد بن عَلَاء الدّين أَبُو عبد الله شمس الدّين البابلى القاهرى الازهرى الشافعى الْحَافِظ الرحلة أحد الاعلام فى الحَدِيث وَالْفِقْه وَهُوَ أحفظ أهل عصره لمتون الاحاديث وأعرفهم بجرحها ورجالها وصحيحها وسقيمها وَكَانَ شُيُوخه وأقرانه يعترفون لَهُ بذلك وَكَانَ اماما زاهدا ورعا بركَة من بَرَكَات الزَّمَان حكى أَنه رأى لَيْلَة الْقدر ودعا بأَشْيَاء مِنْهَا أَن يكون مثل ابْن حجر العسقلانى فى الحَدِيث فَكَانَ حَافِظًا نبيها مَا وَقع نظره قبل انكفافه على شئ الا وَحفظه بديها والذى عد من محفوظاته الْقُرْآن بالروايات والشاطبية والبهجة والفية العراقى فى أصُول الحَدِيث والفيه ابْن مَالك وَجمع الْجَوَامِع وَمتْن التَّلْخِيص وَغَيرهَا وَكتب بِخَطِّهِ كتبا كَثِيرَة مِنْهَا فتح البارى لِابْنِ حجر وَكَانَ قدم بِهِ؟ أَبوهُ من قريتهم بابل من أَعمال مصر الى الْقَاهِرَة وَهُوَ صَغِير دون التَّمْيِيز وسنه دون ارْبَعْ سِنِين وأتى بِهِ الى خَاتِمَة الْفُقَهَاء الشَّمْس الرملى وَهُوَ مُنْقَطع فى بَيته فَدَعَا لَهُ بِخَير وَدخل فى عُمُوم

<<  <  ج: ص:  >  >>