للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

(كَانَ الزَّمَان بِنَا غرافا فَمَا بَرحت ... بِهِ الليالى الى أَن فطنته بِنَا)

مُحَمَّد بن على بن أَحْمد الْمَعْرُوف بالحريرى وبالحرفوشى العاملى الدمشقى اللغوى النحوى الاديب البارع الشَّاعِر الْمَشْهُور كَانَ فى الْفضل نخبة أهل جلدته وَله تصانيف كَثِيرَة مِنْهَا شرح الاجرومية فى مجلدين سَمَّاهُ اللآلى السّنيَّة وَشرح شرح الفاكهى وَشرح التَّهْذِيب وحاشية شرح الْقَوَاعِد ونهج النجاه فِيمَا اخْتلف فِيهِ النحاه وَشرح الزبدة فى الاصول وطرائف النظام ولطائف الانسجام فى محَاسِن الاشعار وَغير ذَلِك قَرَأَ بِدِمَشْق وَحصل وسما وَحضر دروس العمادى الْمُفْتى وَكَانَ العمادى يجله وَيشْهد بفضله وَطَلَبه الْمولى يُوسُف بن أَبى الْفَتْح لاعادة درسه فحضره أَيَّامًا ثمَّ انْقَطع فَسَأَلَ الفتحى عَن سَبَب انْقِطَاعه فقيله انه لَا يتنزل لحضور درسك فَكَانَ ذَلِك الْبَاعِث على اخراجه من دمشق وسعى الفتحى عِنْد الْحُكَّام على قَتله بِنِسْبَة الرَّفْض اليه وَتحقّق هُوَ الامر فَخرج من دمشق الى حلب هَارِبا ثمَّ دخل بِلَاد الْعَجم فَعَظمهُ سلطانها شاه عَبَّاس وصيره رَئِيس الْعلمَاء فى بِلَاده وَكَانَ وَهُوَ بِدِمَشْق خامل الذّكر وَكَانَ يصنع القماش العنايات الْمُتَّخذ من الْحَرِير وَلذَلِك قيل لَهُ الحريرى وَكَانَ كثير من الطّلبَة يقصدونه وَهُوَ فى حانوته يشْتَغل فيقرؤن عَلَيْهِ وَلَا يشْغلهُ شاغل عَن الْعلم وَكَانَ فى الشّعْر مكثرا محسنا فى جَمِيع مقاصده وَقد جمعت من أشعاره أَشْيَاء لَطِيفَة فَمن ذَلِك قَوْله

(حبانى الوجد والحرقا ... وأودع مقلتى الارقا)

(وروع بالجفا قلبا ... بِغَيْر هَوَاهُ مَا علقا)

(رنا بصوارم خدم ... تسمت بَيْننَا حدقا)

(حمى أوراد وجنته ... بأسود خَاله ووقا)

(ولاح بواضح أضحى ... لَهُ شمس الضُّحَى شفقا)

(لَهُ خصر بألحاظ الورى مَا زَالَ منتطقا ... )

هَذَا كَقَوْل المتنبى

(وخصر تثبت الاحداق فِيهِ ... كَانَ عَلَيْهِ من حدق نطاقا)

وَفِيه تعَارض مَعَ السرى الرفاقى قَوْله

(أحاطت عُيُون العاشقين بخصره ... فهن لَهُ دون النطاق نطاق)

(فيا لله من بدر ... غَدا قلبى لَهُ أفقا)

<<  <  ج: ص:  >  >>