للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

حادى عشرى شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَألف عَن ثَلَاث وَثَلَاثِينَ سنة وَأَبوهُ مَاتَ أَيْضا وسنه ثَلَاث وَثَلَاثُونَ سنة وَدفن بتربتهم جوَار ضريح الشَّيْخ ارسلان قدس الله سره

مُحَمَّد بن مُحَمَّد سعد الدّين حسن جَان الشهير بِابْن الخوجة مفتى السلطنة وَرَئِيس علمائها وَكَانَ فى الْفضل والفطنة والحافظة فى مرتبَة خَارِجَة عَن طوق الْبشر وَلَقَد يحْكى عَنهُ انه ركب يَوْمًا الْبَحْر بِقصد السّير فى بُسْتَان لَهُ مَعْرُوف قَدِيما بِهِ وَكَانَ أَمِين الْفَتْوَى فى خدمته وَكَانَ توزيع الْفَتَاوَى قرب فَقَالَ لَهُ أخرج الاسئلة واقرأها على لاستحضر أجوبتها فاذا وصلنا الْبُسْتَان سهلت الْكِتَابَة عَلَيْهَا فأخرجها وَقرأَهَا حَتَّى أَتَى على آخرهَا وَكَانَ يضع المقروء أَمَامه فى الزورق الذى هم فِيهِ فَهبت ريح عَاصِفَة بالاوراق وألقتها فى الْبَحْر فاضطرب الامين لذَلِك غَايَة الِاضْطِرَاب فَقَالَ لَهُ لَا بَأْس عَلَيْك فَلَمَّا وصل الْبُسْتَان استدعى بقراطيس وَقسمهَا صورا وَقَالَ اكْتُبْ مَا أمْلى عَلَيْك وَأخذ يمليه الاسئلة المكتتبة وَهُوَ يكْتب حَتَّى لم يبْق شئ مِنْهَا وبلغنى من بعض الروميين انها كَانَت تنوف على مائَة سُؤال وَهَذِه المنقبة من أعظم مَا يكون وهى كَافِيَة لَهُ عَن الاطناب فى وَصفه وَله نظم بالالسنة الثَّلَاثَة وَخمْس القصيدة البرأة بِتَمَامِهَا وَله انشاء وخطب وتقاريظ كلهَا ممتعة وَلَقَد وقفت لَهُ على تقريظ كتبه على كتاب فى الطِّبّ يَقُول فِيهِ

(رَوْضَة أنوار آثَار الشفا مِنْهَا تلوح ... دوحة أنوار أثمار الصَّفَا فِيهَا تفوح)

(عرفهَا ذَاك يقوى الْقلب طيبا طيبا ... مِنْهُ للارواح روح فِيهِ للابدان روح)

رَوْضَة نباتها أزهرت فاقتطفت مِنْهَا أدوية الشِّفَاء وحديقة دوحتها أثمرت فاجتنيت من أَغْصَانهَا أفاويه الدَّوَاء أَجَاد جَامعهَا وَأحسن وأمعن فِيمَا جمع وأتقن حَيْثُ أَتَى بمختصر حسن فى تَلْخِيص مطولات هَذَا الْفَنّ فغدا موجزا سديدا نفيسا يَلِيق بَان يكون لحذاق الطِّبّ أنيسا فِيهِ مَالا يسع الطَّبِيب جَهله وانما يعرف قدره أَهله جرى فِيهِ على سمت الطبائع كَمَا هُوَ بَين أهل الْفَنّ شَائِع فان الشَّرْع مناع الشنائع يدل الاسباب والعلامات على اتقان بأوضح العلامات يتَعَيَّن للاعيان أَن يتمموا آماله ويطيبوا بِطيب التطبيب باله وَقد ولى قَضَاء دَار الْخلَافَة ثمَّ قَضَاء الْعَسْكَر بأناطولى فى ثانى عشر رَجَب سنة أَربع بعد الالف وسافر هُوَ وَأَبوهُ مَعَ السُّلْطَان مُحَمَّد

<<  <  ج: ص:  >  >>