فَتَارَة يَقُول أَنا شرِيف علوى وَتارَة كَانَ يدعى الرياضة الْمُطلقَة وَترك دمشق ورحل الى صالحيتها وقطن بمدرسة شيخ الاسلام أَبى عمر وَصَارَ يدعى أَنه مهدى الزَّمَان الْمَوْعُود بِهِ فَقيل لَهُ ذَاك مُحَمَّد وَأَنت نظام الدّين فَقَالَ مُحَمَّد يلقب بنظام الدّين فَقيل لَهُ ذَاك شرِيف وَأَنت سندى أسود فَقَالَ أَنا شرِيف علوى صَحِيح النّسَب غير أَنى تركت دَعْوَى ذَلِك الا فى وقته وَأما سَواد الْوَجْه فَكَانَ يعْتَذر عَنهُ بَان المُرَاد الْبيَاض المعنوى الذى يكون فى الافعال وَزَاد بِهِ الْحَال الى أَن صعد المنارة الشرقية بَين الْمغرب وَالْعشَاء وَقَالَ يَا أهل دمشق أَنا مهدى الزَّمَان وَأَنا أدعوكم الى اجابتى واتباعى وَسمع ذَلِك كثير من الصَّالِحين وَغَيرهم مِمَّن كَانَ بالجامع الاموى وَكَانَ مرّة بالجامع السليمى السلطانى يَوْم الْجُمُعَة فَلَمَّا نزل الْخَطِيب عَن الْمِنْبَر قَامَ وَأمر رجلا أَن يصعد الْمِنْبَر ويلعن أَمِين الدفترى العجمى وَقَالَ بِصَوْت عَال ان الدفتر دَار مُحَمَّد أَمِين رافضى يبغض أَبَا بكر وَعمر رضى الله عَنْهُمَا وَقد أمرنى رَسُول الله
أَن ألعنه وشاع ذَلِك الامر وذاع فَوضع فى البيمارستان القيمرى بالصالحية مُدَّة وَسكن عَن التَّخْلِيط وقلل من التخبيط فَأمر قاضى الْقُضَاة باخراجه بعد ان أَمر بايلاجه وَضَاقَتْ بِهِ دمشق بعد هَذِه الدَّعْوَى وَكَانَ يَذُوق من الزَّمَان شَدِيد الْبلوى فطار من دمشق الى بَيت الْمُقَدّس وَمر بنابلس وَدخل غَزَّة واقتتل مَعَ بعض علمائها وَوصل الى مصر وَمكث بهَا قَلِيلا وَلم تطل مدَّته بهَا بل توفى هُوَ وَأَخُوهُ بهَا انْتهى مَا قَالَ البورينى قلت والذى تلقيته من احوال المنلا نظام أَنه كَانَ من الْمُحَقِّقين الْعِظَام وانه كَانَ من أَرْبَاب الْولَايَة وَمِمَّنْ أَدْرَكته عين الْعِنَايَة فى الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة وَهُوَ من خَواص تلامذة السَّيِّد صبغة الله نزيل الْمَدِينَة المنورة وَكَانَ السَّيِّد الْمَذْكُور يُحِبهُ وينافس فى ولَايَته المقررة وَوَقع للسَّيِّد بِسَبَبِهِ كَرَامَة ذكرتها فى تَرْجَمته وألمعت فِيهَا بِذكر انتمائه اليه وتلمذته وَمَا وَقع بِدِمَشْق من بعض التخاليط فقد يُقَال انه يموه بهَا عَن حَقِيقَة أمره حَتَّى تعد من الاغاليط وَمِمَّا شاع أَن وَضعه فى البيمارستان كَانَ عَن أغراض نفسانية وانه دَعَا على من كَانَ السَّبَب فى ذَلِك من الْفُضَلَاء بِأَن يسلب رونق فضيلته البهية فاستجيب دعاؤه فيهم وحرموا لَذَّة النَّفْع بالعلوم على أَن كلا مِنْهُم كَانَ مِمَّن برع على هَذَا الاستاذ فى الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم وَلَقَد حكى بعض عُلَمَاء الشَّام الْكِبَار أَنه حج فزار السَّيِّد صبغة الله فى مَدِينَة النبى الْمُخْتَار فَمَا اسْتَقر بِهِ الْجُلُوس حَتَّى سَأَلَهُ عَن أَحْوَال المنلا نظام مبديا للقائه غَايَة الشوق والغرام فَقَالَ لَهُ ذَلِك الْعَالم