مديدة وَأعْطى فى بعض المرات الْمدرسَة القيمرية بِدِمَشْق فوردها وقطن بهَا ودرس وَأفَاد وَأخذ عَنهُ جمَاعَة من الْفُضَلَاء ثمَّ ارتحل الى بَلَده فَمَاتَ بهَا وَكَانَت وَفَاته فى حُدُود سنة سبعين وَألف وَقد تقدم ذكر وَلَده أَحْمد
يحيى بن عمر المنقارى الرومى شيخ الاسلام وعلامة الْعلمَاء الاعلام صَاحب التَّقْرِير والتحرير الراقى بعلو جده رُتْبَة الْفلك الاثير أَخذ بالروم فنون الْعلم عَن أكَابِر علمائها مِنْهُم شيخ الاسلام عبد الرَّحِيم الْمُفْتى وَتمكن من التَّحْقِيق كل التَّمَكُّن وأحرز من أول أمره فى الْفضل كَمَال التعين ثمَّ لَازم على دأبهم ودرس بمدارس قسطنطينية وَولى المناصب الْعلية مِنْهَا قَضَاء مصر وَليهَا فى سنة أَربع وَسِتِّينَ وَألف وأعبد اليها مرّة ثَانِيَة وَعقد بهَا درسا بِمَجْلِس الحكم فى تَفْسِير البيضاوى وحضره أكَابِر علمائها وأذعنوا لَهُ بالتحقيق الذى لَيْسَ لَهُ فِيهِ مساوى ومدحه فضلاؤها بالاشعار الرائقة وخلدوا مآثره فى صحف محامدهم الفائقة مِنْهُم المرحوم السَّيِّد أَحْمد بن مُحَمَّد الحموى حَيْثُ قَالَ فِيهِ
(قد شرفت مصر بِرَبّ الحجى ... الْعَالم التَّحْرِير متقارى)
(وَالنَّاس فى تمداحه أَصْبحُوا ... من كَاتب ينشى وَمن قارى)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا
(اذا ذكر التَّحْقِيق فى فصل مُشكل ... فيحيى الذى تثنى عَلَيْهِ الخناصر)
(بِهِ الله أَحْيَا مَا انطوى من معارف ... رفاتا غَدَتْ أجداثهن الدفاتر)
ثمَّ تولى قَضَاء مَكَّة ودرس فِيهَا فى الْمدرسَة السليمانية فى تَفْسِير البيضاوى أَيْضا وحضره أَكثر الْعلمَاء وَطلب من الشَّمْس البابلى ان يحضر درسه هُوَ وطلبته فَحَضَرُوا فشرع يُقرر من أول سُورَة مَرْيَم وأتى بالعجب العجاب مِمَّا يدل على انه أَخذ من الْفُنُون بلب اللّبَاب مَعَ حسن التأدية وَالتَّعْبِير وسعة الملكة ولطف التَّقْرِير ثمَّ ولى بعد ذَلِك قَضَاء قسطنطينية وَقَضَاء الْعَسْكَر بروم ايلى وَنقل من قَضَاء الْعَسْكَر الى منصب الْفَتْوَى فى شهر ربيع الاول سنة ثَلَاث وَسبعين وَألف وَقبل فى تَارِيخ تَوليته شيخ الاسلام وَسَار أحسن سير مَعَ التعفف وَحسن السيره وسلامة النَّاحِيَة والسريره وراجت فى زَمَنه بضَاعَة الافاضل وَرغب النَّاس فى تَحْصِيل المعارف والفضائل وَكَانَ دأبه المطالعة والمذاكره فَلَا يُوجد الا مُسْتَعْملا لَهما