(أَنا وَالله محب لكم ... صدقونى لَيْسَ بعد الله شى)
(مختف حبكم فى مهجتى ... عَن جَمِيع الْخلق الا ملكى)
(مذ منحتم بوفا دون جَفا ... فَكَذَا أنسيتمونى ابوى)
الخ وَكَانَت وَفَاته فى مرجعه من الْحَج غرَّة صفر سنة احدى وَخمسين وَألف وَصلى عَلَيْهِ بالجامع الازهر فى محفل لم ير فى هَذِه الاعصار مثله وَدفن رَحمَه الله تَعَالَى فى زَاوِيَة سلفه السادات بنى الْوَفَاء رضى الله عَنْهُم ورثاه الشهَاب الخفاجى بقوله
(قضى نحبه وَالْحج قطب لروحه ... دَعَا ربه نَحْو الْجنان فلبت)
(فَمن حج للبيت الْعَتِيق على تقى ... فَروح أَبى الاسعاد لله حجت)
(وَمن حج للرحمن احرام حجَّة ... مُجَرّدَة من جِسْمه دون موقت)
(فَلَا بَرحت سحب الرِّضَا حول قَبره ... تظل لَهُ هطالة سحب رَحْمَة)
وانما ذكرت رجال هَذِه الطَّرِيقَة على التَّفْصِيل لكَونهَا خَاصَّة بِهَذَا الْبَيْت وَيتَعَلَّق بالْمقَام فَائِدَة جليلة فى لبس الْخِرْقَة الَّتِى تقدم ذكرهَا وهى مَا قَالَ الصّلاح ان من الْقرب لبس الْخِرْقَة وَقد استخرج لَهَا بعض الْمَشَايِخ أصلا من السّنة وهى حَدِيث أم خَالِد قَالَت أَتَى النبى
بِثِيَاب فِيهَا خميصة سَوْدَاء صَغِيرَة فَقَالَ ائتونى بِأم خَالِد فَأتى بى قَالَت فالبسنيها بِيَدِهِ وَقَالَ ابلى وأخلقى وَهُوَ مخرج فى الصَّحِيح قَالَ ولى فى الْخِرْقَة اسناد عَال جدا وَذكره ثمَّ قَالَ وَلَيْسَ بقادح فِيمَا أوردناه كَون لبس الْخِرْقَة غير مُتَّصِل الى منتهاه على شَرط أَصْحَاب الحَدِيث فى الاسانيد فان المُرَاد مَا تحصل بِهِ الْبركَة والفائدة باتصالها بِجَمَاعَة من الصَّالِحين انْتهى
يُوسُف بن عبد الْملك البغدادى الدمشقى الْمَعْرُوف بالحمار كَانَ أحد الاعاجيب فى حسن الْعشْرَة ومخالطة النَّاس وسعة الرِّوَايَة فى الاخبار والنوادر وَكَانَ وجيها كَبِير الْعمة أَبيض اللِّحْيَة وَصرف عمره فى الطّلب وَالْقِرَاءَة وَحُضُور دروس الْعلم وَلزِمَ الشَّيْخ رَمَضَان العكارى وَالشَّيْخ عبد البافى الحنبلى وَغَيرهمَا الا انه لم يحصل شَيْئا الا الْقَلِيل لغباوة كَانَت فِيهِ وَلِهَذَا لقب بالحمار وانما ذكرته لَان كثيرا من الادباء كَانُوا يعرضون بِهِ فى بعض اشعارهم ويبنون على لقبه اشياء وَكَانَت وَفَاته لَيْلَة الاربعاء سَابِع عشرى شهر رَمَضَان سنة تسع وَسِتِّينَ وَألف وَخلف مَالا كثيرا وَقَالَ الامير منجك فى التَّعْرِيض بِهِ
(قيل عاشت بِمَوْتِهِ وارثوه ... حَيْثُ كَانُوا من فَقرهمْ فى اكتئاب)