الْكَعْبَة المشرفة مشاهداً لَهَا فَبَيْنَمَا أَنا فِي حَالَة اعترتني وَإِذا بشاب وقف عَليّ وسألني فَقلت لَهُ هَذَا الَّذِي تسْأَل عَنهُ أطلبه من غَيْرِي فَسَأَلَ الْغَيْر فدله عَليّ فَقَالَ قُم معي فَإِن جمَاعَة يدعونك إِلَى عِنْدهم فَذَهَبت إِلَيْهِم فحين جَلَست كتب وَاحِد مِنْهُم يُقَال لَهُ الشَّيْخ مهنا من حَضرمَوْت الْيمن أبياتاً أرجوزة تقَارب خَمْسَة عشر بَيْتا يسألني عَن ثَلَاث مسَائِل مَا القطب الْأَكْبَر وَمَا الْخَتْم المحمدي وَمَا معنى قَول بعض الْمُحَقِّقين الْإِنْسَان الْكَامِل يعمر كل منزل ثمَّ قدمُوا إِلَيّ دَوَاة وقلما وقرطاساً فسميت الله تَعَالَى وغمست الْقَلَم وكتبت مائَة وَثَمَانِينَ بَيْتا من بَحر الرجز أَيْضا لم يقف الْقَلَم فِيهَا فَأَخَذُوهَا ورأوها من الكرامات الَّتِي يكرم الله بهَا عباده المضافين إِلَيْهِ فبيضوها وكتبوها بالورق الْحَرِير ثمَّ إِنَّهُم لزموني لُزُوم الظل وَلَا زَالُوا فِي هَذِه مَعنا إِلَى أَن خرجت من مَكَّة ولي مَعَهم أُمُور عَجِيبَة إِلَى الْآن يعلمهَا الله وكما وَقع للشَّيْخ الْأَكْبَر فِي كِتَابه طب الْمَرْء من نَفسه وتعريبه الْأَسْمَاء الْهِنْدِيَّة وَهُوَ كتاب بديع غَرِيب الْمظهر انْتهى وَقَالَ فِيهَا أَيْضا وَلَقَد رَأَيْت فِي واقعتي لَيْلَة تقييدي لأبيات من همزيتي فِي مدحه
وَهِي قصيدة تزيد على أَرْبَعمِائَة بَيت والتزمت فِي كل بَيت جناسين من سَائِر أَنْوَاعه مَا خلا الْأَنْوَاع البديعية وَكنت فِي تِلَاوَة ورد الصُّبْح فَجَاءَت المبشرة مثل فلقها وَصورتهَا أَنه تراآى لي شَجَرَة كَمَا ذكر الله سُبْحَانَهُ أَصْلهَا ثَابت وفرعها فِي السَّمَاء يَغْشَاهَا من الْأَنْوَار كَمَا يُقَال الرَّقَائِق الشمسية فطلبت فِي الْحَال مَا وَرَاءَهَا فأغشيتها وَرَأَيْت خلفهَا فضاء وَاسِعًا لَا حد لَهُ وَلَا نِهَايَة فَإِذا بِحَضْرَة الرَّسُول
قد أقبل إِلَى الْجِهَة الَّتِي العَبْد فِيهَا وَمَعَهُ خلق لَا يحصيهم إِلَّا الله تَعَالَى وشعاع الْأَنْوَار سَاطِع من سَائِر مسام جسده الشريف وَكَانَ لي عَادَة مَعَه فِي الوقائع إِذا رَأَيْته انكب عَليّ فَيكون رَأسه الشريف فَوق رَأْسِي وصدره الشريف فَوق صَدْرِي وَيَضَع يَدَيْهِ الشريفتين على ظَهْري وَيَقُول لي بَارك الله فِيك وَفِي عصر أَنْت فِيهِ وَللَّه الْحَمد على مَا حصل من فيض فَضله