للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

حضرت لَهُ روحه وَعلمه طَرِيق النَّفْي والاثبات على كَيْفيَّة مَخْصُوصَة فِي طَرِيق الجشتية يسمونها حفظ الأنفاس وَأمره أَن يجلس وَيسْتَعْمل الذّكر بِهَذِهِ الطَّرِيقَة فِي بَلْدَة باكور الَّتِي فِيهَا قبر الشَّيْخ حميد الدّين الباكوري وَهُوَ من أجل أَصْحَابه وَقَالَ أَنِّي مَا جِئْت إِلَّا الْيَوْم بعد مُدَّة مديدة لِأَجلِك وَإِلَّا فَأَنا بِمَكَّة لِكَثْرَة الْبدع الَّتِي يعملونها على قَبره فسافر بِمُوجب أمره إِلَى باكور وَجلسَ بهَا يشْتَغل بِالذكر الْمَذْكُور ويزور أَحْيَانًا قبر الشَّيْخ حميد الدّين ويعلمه آدَاب الطَّرِيق فَكَانَ تظهر عَلَيْهِ الْأَنْوَار والتجليات وَالْأَحْوَال على طبق سلوك الجشتية وَقَالَ إِنِّي فِي تِلْكَ السّنة كنت أَدخل فِي خلْوَة كَانَت دَاخل ثَلَاث بيُوت فِي لَيْلَة مظْلمَة وأصك الْأَبْوَاب كلهَا فَكَانَ يظْهر لي نور مثل الشَّمْس ثمَّ يزِيد ثمَّ يُحِيط بِالْبَيْتِ وَيصير ضوءه مثل ضوء النَّهَار فَكنت أَقرَأ الْقُرْآن فِي ذَلِك الضَّوْء فَحصل لي الْأنس بذلك النُّور حَتَّى أَنِّي يَوْمًا من الْأَيَّام كنت أَمر بِبَعْض الطّرق فَإِذا رجل عِنْده رِسَالَة مَكْتُوب فِيهَا أَن بعض النَّاس يحصل لَهُم فِي أَوَان الذّكر نور فيغترون بِهِ وَأخذ الرسَالَة وَغَابَ وَمَا رَأَيْته بعد فانتبهت وَزَاد تعلقي بِهِ ثمَّ يَوْمًا كنت جَالِسا عِنْد قبر الشَّيْخ حميد الدّين فَحَضَرت روحه وَأَرَادَ أَن يعطيني خرقَة الْإِجَازَة وَكَانَ مُرَاده أَن يَأْمر فِي النّوم والواقعة لبَعض من كَانُوا على سَنَده من الْخُلَفَاء ليعطيني الْخِرْقَة فَقلت لَا أُرِيد أَن تُعْطِينِي إِلَّا بِيَدِك فَقَالَ الشَّيْخ هَذَا خلاف سنة الله فاطلب مِنْهُ فاستأذنت مِنْهُ وَخرجت فِي طلب الشَّيْخ وَكنت أسيح فِي الْجبَال والبراري والأغوار والأنجاد وَكنت أصل إِلَى الْمَشَايِخ كثيرا فَلم يحصل إِلَى الِاعْتِقَاد لأحد مِنْهُم وَكَانَ وصل فِي هَذِه الْمدَّة إِلَى الشَّيْخ نظام الدّين الباكوري وَكَانَ من الْمَشَايِخ الجشتية فَأَرَادَ الشَّيْخ كثيرا أَن يجلس عِنْده فَمَا جلس عِنْده وَرَأى كثيرا من مَشَايِخ الْوَقْت حَتَّى وصل إِلَى الشَّيْخ اله بخش فَلَمَّا رَآهُ حصل لَهُ فِيهِ أقْصَى مَا يكون من الِاعْتِقَاد وَالشَّيْخ رَضِي الله عَنهُ تَلقاهُ بِحسن الْقبُول وَأظْهر لَهُ أَنه كَانَ منتظرا لَهُ وَكَانَ من طَريقَة الشَّيْخ أَن لَا يلقن أحدا إِلَّا بعد إِدْخَاله فِي الخدمات والرياضيات الشاقة الَّتِي تنكسر بهَا النَّفس وَتحصل بهَا التَّزْكِيَة فن التَّزْكِيَة مُقَدّمَة على التصفية عِنْد أَكثر الْمَشَايِخ بِخِلَاف النقشبندية فَإِن طريقتهم على الْعَكْس قَالُوا بَعْدَمَا يتَوَجَّه الانسان إِلَى التصفية والتوجه الْحق بِالصّدقِ فَيحصل لَهُ من التَّزْكِيَة بإمداد جذبة من جذبات الرَّحْمَن فِي سَاعَة مَا لَا يحصل لغيره من الرياضات والسياسات

<<  <  ج: ص:  >  >>