(فَمد إِلَيْهَا الْبَين كف اقتطافه ... وأمحل ذَاك الرَّوْض بعد مغيبها)
(وَلم يصف لي من بعْدهَا كأس لَذَّة ... وَكَيف تلذ النَّفس بعد حبيبها)
(فروى ثراها يَا سحائب أدمعي ... وَمن لي بِأَن تروى بسح صبيبها)
فقصدت أَن أثبتها فِي ذيل الْجَواب وأخرياته لما عَسى أَن تكون من محفوظات مَوْلَانَا ومروياته وَقد طَال هَذَا إلهذا وطغى الْقَلَم بِمَا هُوَ للعين قذا فلنحبس عنانه ونرح سمع الْمولى وعيانه وَكَانَت ولادَة صَاحب التَّرْجَمَة فِي سنة عشر بعد الْألف بِمَكَّة وَتُوفِّي بهَا فِي سنة سبع وَخمسين وَألف وَدفن بالمعلاة والسنجاري بِكَسْر السِّين نِسْبَة إِلَى الْبَلدة الْمَعْرُوفَة
القَاضِي تَقِيّ الدّين التَّمِيمِي الْغَزِّي الْحَنَفِيّ صَاحب الطَّبَقَات الْعَالم الْعلم الْفَاضِل الأديب لجم الْفَائِدَة المفنن أَخذ عَن عُلَمَاء كثيرين وجال فِي الْبِلَاد وَدخل الرّوم وَألف وصنف وَأحسن مَاله من التآليف طَبَقَات الْحَنَفِيَّة وقفت على حِصَّة مِنْهَا وَقد جمع فِيهَا جملَة من عُلَمَاء الرّوم وعظمائها وأكابر سارتها ورؤسائها وَذكره الخفاجي فِي ريحانته وَأثْنى عَلَيْهِ كثيرا وَذكر أَنه كَانَ فِي مبدأ أمره وإقبال طلائع عمره حرفته الزهاده وحانوته السجادة ثمَّ سَاقه الْقدر والقضا فَرضِي بِمَا قدره الله وَقضى بَعْدَمَا كَانَ يَقُول
(من تمنى القضا فَلَا تعطينه ... وَاجعَل الْمَوْت سَابِقًا للْقَضَاء)
وَقد قَالُوا أَن من تولى الْقَضَاء وَلم يفْتَقر فَهُوَ لص والآن قد افْتَقَرت اللُّصُوص لما سرقت الْأُمَرَاء من الْخَوَاتِم الفصوص وَالسَّارِق إِذا سرق من سَارِق فقد عَامله بِرَأْس مَاله وَقَالَ الرِّبْح والفائدة السَّلامَة من خسران وباله وَمَا يسلب قَاطع الطَّرِيق الْعُرْيَان بل يهديه للسبيل وَيُعْطِيه الْأمان وَأورد من شعره قَوْله وَقد لبس من الْقَضَاء خلع المذلة وحاكت لَهُ الأطماع من نصب المناصب حلّه
(أحبابنا نوب الزَّمَان كَثِيرَة ... وَأمر مِنْهَا رفْعَة السُّفَهَاء)
(فَمَتَى يفِيق الدَّهْر من سكراته ... وَأرى الْيَهُود بذلة الْفُقَهَاء)
وَله أَيْضا
(مَا أَبْصرت عين امْرِئ ... فِي الدَّهْر يَوْمًا مثلنَا)
(عشق وحرمان بِهِ ... أبدا تَرَانَا فِي عَنَّا)
(الدون لَا نرضى بِهِ ... والعال لَا يرضى بِنَا)
والعال بِمَعْنى العالي إِلَّا أَنَّهَا عامية مبتذلة وَقيل لِابْنِ المقفع لم لَا تَقول الشّعْر فَقَالَ