وَلَيْسَ مَعهَا خفير سوى الْأَجِير لَا يفقد مِنْهَا صواع وَلَا يختلس مِنْهَا وَلَا قدر صَاع وَرُبمَا ترك الْمَتَاع أَو الْمُنْقَطع فِي القفر السَّبَب ليؤتى لَهُ بِمَا يحمل عَلَيْهِ أَو يركب فيوجد سالما من الْآفَات وَلَو طَالَتْ الْأَوْقَات مَعَ كَثْرَة الطارقين لتِلْك الْمعَاهد والسالكين لهَذِهِ المواطن والمقاصد وَلم يعْهَد هَذَا إِلَّا فِي زمن هَذَا الْملك الْعَادِل وَلم ينْقل مثله عَن مثله من الْمُلُوك الْأَوَائِل فَلَقَد كَانَت هَذِه الطّرق فِي مبدأ ولَايَته مخوفه والمخاليف كلهَا غير مألوفة حَتَّى من أَرَادَ أَن يعزم من مَكَّة إِلَى التَّنْعِيم للاعتمار لَا بُد لَهُ أَن يَأْخُذ خفيرا من أَرْبَاب الدول الْكِبَار وَأَن لم يفعل ذَلِك يعطب فِي نَفسه وَمَاله وَلَا يرثي فِي أَخذ الثأر لحاله ولطالما نهبت الْأَمْوَال مَا بَين مَكَّة وعرفة لَيْلَة الصعُود إِلَيْهَا وسفكت الدِّمَاء فِي تِلْكَ المشاعر وجدلت الأجساد لَدَيْهَا وَإِذا سرق مَتَاع قل أَن يظفر بِهِ وَرُبمَا قتل صَاحبه عِنْد طلبه بسبسه وكل ذَلِك من الْعَرَب المحيطين بأطراف الْبِلَاد الساعين فِي الأَرْض بِالْفَسَادِ فنبسط الله بِسَاط الْأمان بولايته ألزمهم بحراسة هَذِه المواطن وَغرم مَا يذهب للنَّاس فِي هَذِه الْأَمَاكِن وعاملهم بصنوف الْعقَاب وأنواع الْعَذَاب من الصلب وَقطع الْأَيْدِي وتكليف أحدهم بِالْقَتْلِ أَن لم يَدي إِلَى غير ذَلِك من أَصْنَاف الاجتهادات السياسية والآراء السُّلْطَانِيَّة المرضية حَتَّى صلح حَال الْعَالم غَايَة الْإِصْلَاح ونادى مُنَادِي الْأَمْن بالبشر والفلاح فاطمأنت النُّفُوس بِإِقَامَة هَذَا الناموس واعتدلت أَحْوَال الرعايا واتصل ذَلِك إِلَى علم الْمُلُوك البقايا فَشكر كل سَعْيه فِي هَذِه المآثر الحميدة وَحمد الله تَعَالَى فِي هَذِه المعدلة الظَّاهِرَة المجيدة وَكثر حجاج بَيت الله الْعَتِيق وضربوا إِلَيْهِ آباط الْإِبِل من كل فج عميق فيرون مَا كَانُوا يسمعُونَ بِهِ عيَانًا فيستخيرون الله فِي أَن تكون بَلَده لَهُم مسكنا وَأَهْلهَا إخْوَانًا شعر
(فَمن هُنَا مَكَّة صَارَت مصرا ... محشودة بالعالمين طرا)
(وَقبل هَذَا الْعَهْد لم يقم بهَا ... إِلَّا أنَاس شغفوا بحبها)
(نَحْو ذَوي الْبيُوت مِمَّن قطنوا ... دهراً بهَا واستوطنوا وَسَكنُوا)
(لذا انْتَهَت إِلَيْهِم الرياسة ... بطيبهم مناصب النفاسة)
(والغير يَدْعُو بمنادى الْملك ... يامن قصى حرَامه من نسك)
(ارجل إِلَى بلادك الْأَصْلِيَّة ... من يمن أوجهة شامية)
(فان هَذَا الْبَلَد الحراما ... وادبلا زرع يرى ولاما)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute