(فكم نوى جَانِبه بالأسوا ... جمَاعَة فامتحنوا بالبلوى)
(وهلكوا فِي مُدَّة يسيرَة ... فليعتبر ذَا من لَهُ بَصِيرَة)
(وَعنهُ كَانَ كل من وَالَاهُ ... وكف عَنهُ كل من عَادَاهُ)
(فقد جرى لجدّه النبيّ ... هَذَا الولا وأبه عليّ)
وَمن كَمَال سعده أَنه مَا عَاده أحد إِلَّا وَعَاد بالخيبة وقبح الأوبة وَلَا نَوَاه أحد بِسوء إِلَّا ودارت عَلَيْهِ دائرته فَمن ذَلِك أَن الْوَزير الْأَعْظَم مصطفى باشا قَصده بالأذى وجهز العساكر الرومية إِلَى مَكَّة وصمم على إِيذَاء هَذِه الذُّرِّيَّة فَمَا زَالَ كل من فِي قلبه ذرة إِسْلَام يثبطه عَن هَذَا الْعَزْم فَلم يجد فِيهِ نفعا فَاجْتمع جمَاعَة من أهل الْخَيْر وقرؤوا الْفَاتِحَة وَقَالُوا إِن هَؤُلَاءِ أَوْلَاد النَّبِي
فنسأل الله بِحرْمَة جدهم وحرمتهم أَن يرينا فِي الْوَزير مَا يكون بِهِ عِبْرَة لمن اعْتبر فَمَا فارقوا مجلسهم إِلَّا وجاءهم خبر أَنه أُصِيب بالقولنج وَمَات لوقته فأوصلوا الْخَبَر للسُّلْطَان وقصوا عَلَيْهِ الْقِصَّة فَرجع عَن ذَلِك واستغفر الله وَمن ذَلِك أَن الشَّيْخ الْعَلامَة عبد الرَّحْمَن المرشدي قصد السّفر إِلَى الْيمن فاستأذنه فَلم يَأْذَن لَهُ فَكَانَ مَنعه لَهُ عَن السّفر عين الْمصلحَة والنجاح فَإِن الْأَمر بعد ذَلِك أَسْفر عَن تغير قطر الْيمن وَانْقِطَاع سبله وَكَثْرَة الْخَوْف فِي طرقه بِمُوجب بعض الْفِتَن فَإِنَّهُ قَامَ ثمَّة قَائِم من أهل الْبَيْت يُسمى بالقاسم وَادّعى الْإِمَامَة وَظهر شَأْنه وقويت فِي الْجبَال دون تهَامَة شوكته وَالنَّاس إِذْ ذَاك فِي أَمر مريج وَقد عزم جمَاعَة إِلَى تِلْكَ الديار فعادوا مبادرين للفرار وَأَرَادَ الله للمذكور الرَّاحَة حَيْثُ اسْتَقر بِمَكَّة
(من أَنه ابْن مستجاب الدعْوَة ... وَمَا لَهُ فِي عمره من صبوة)
(وَكَيف لَا وَقد حمى الْبَيْت الْحَرَام ... بِنَفسِهِ خمْسا وَأَرْبَعين عَام)
(مؤيدا شرائع الْإِسْلَام ... مشيداً شَعَائِر الْإِحْرَام)
(مَعَ أَنه فِي زمن أيّ زمن ... مَظَنَّة لكل قَول وَفتن)
(وَقد حكى بعض الورى عَن السّلف ... وَذَاكَ مَحْفُوظ لَهُم عَن الْخلف)
(إنّ ولي مَكَّة يصير فِي ... مرتبَة القطب يَقِينا فاعرفِ)
(فأظهر الصّلاح فِي الرعايا ... وَفِي مُلُوك الدول البقايا)
قد اشْتهر عَنهُ أَنه مجاب الدعْوَة مِنْهَا أَنه كَانَ فِي عَام أَربع بعد الْألف فِي مَحل يُقَال لَهُ غَدِير وشحا فَأصَاب النَّاس غَايَة التَّعَب من الظما فورد إِلَيْهِ رعاء إبِله وتفاوضوا