للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدُّرَر وَالْغرر مَقْبُولَة وَله غَيرهَا من التصانيف المقبولة بِلِسَان التركي وترسلات شائعة متداولة وَكَانَ جيد الْعبارَة لطيف الطَّبْع صَاحب نَوَادِر وتحف وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ أحد أَفْرَاد الدَّهْر ومحاسن الْعَصْر ولد سنة ثَلَاث وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ وَالِده إِذْ ذَاك ببروسة مدرس مدرسة حَمْزَة بيك وَأخذ عَن نَاظر زَاده مدرس عَليّ باشا الْجَدِيد وقاضي زَاده الْمَعْزُول عَن قَضَاء حلب ثمَّ وصل إِلَى مقَام شيخ الْإِسْلَام أبي السُّعُود الْعِمَادِيّ وَصَارَ من طلبته المختصين بِهِ وَحصل ودأب ولازم من الْمولى الْمَذْكُور ثمَّ درس إِلَى أَن وصل إِلَى الْمدرسَة السليمانية وَولى مِنْهَا قَضَاء حلب فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة ثمَّ ولى قَضَاء الْقَاهِرَة فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَألف ثمَّ ولى قَضَاء أدرنة فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع بعد الْألف ثمَّ ولى مصر ثَانِيًا فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَألف ثمَّ قَضَاء بروسة فِي شَوَّال سنة سبع وَألف ثمَّ عزل وَعين لَهُ قَضَاء أيدنجك على وَجه التقاعد ثمَّ أعْطى قَضَاء كليبولي وَنقل مِنْهَا إِلَى قَضَاء أَيُّوب وَفِي صفر سنة إِحْدَى عشرَة وَألف أعْطى قَضَاء اسكى زغرة على طَرِيق التَّأْبِيد فاستولت عَلَيْهِ بهَا أمراض بلغمية منعته من الْحَرَكَة الأنادرا فَطلب قَضَاء رشيد من نواحي مصر فأعطيها بِقَيْد الْحَيَاة وَتوجه إِلَيْهَا وَتُوفِّي بهَا هَكَذَا ذكر ابْن نوعى فِي تَرْجَمته وَرَأَيْت فِي بعض أوراق بِخَط إِبْرَاهِيم الْمَعْرُوف برامي الدِّمَشْقِي أَنه بعد عَزله من أدرنة أَدْرَكته حِرْفَة الْأَدَب وولعت بِهِ فحطه الدَّهْر من علياء قدره بعد الرّفْعَة الْعَظِيمَة وتفرق شَمل حَاله من فقد رياشه وضيق معاشه وَوجدت فِي بعض المجاميع لبَعض فضلاء الرّوم أَنه كَانَ عِنْدَمَا ولع الزَّمَان بِهِ قد أغرى بإنشاد هذَيْن الْبَيْتَيْنِ لَا يجِف لِسَانه من ترديدهما فِي أَكثر أوقاته وأحواله وَلست أَدْرِي انهما لَهُ أَو لغيره وهما قَوْله

(من كَانَ يَرْجُو أَن يعِيش فإنني ... أَصبَحت أَرْجُو أَن أَمُوت فأعتقا)

(فِي الْمَوْت ألف فَضِيلَة لَو أَنَّهَا ... عرفت لَكَانَ سَبيله أَن يعشقا)

ثمَّ رَأَيْت الْبَيْتَيْنِ منسوبين لِأَحْمَد بن أبي بكر الْكَاتِب وَقد اقْتدى فيهمَا بِابْن الرُّومِي فِي قَوْله

(قد قلت مذ مدحوا الْحَيَاة وأسرفوا ... فِي الْمَوْت ألف فَضِيلَة لَا تعرف)

(مِنْهَا أَمَان لِقَائِه بلقائه ... وفراق كل معاند لَا ينصف)

وَهُوَ أول من فتح هَذَا الْبَاب انْتهى قَالَ رامي وَلم يزل صَاحب التَّرْجَمَة يعاني الحرمان كَمَا ذكر حَتَّى ولى قَضَاء رشيد فَتوفي بهَا فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَألف

<<  <  ج: ص:  >  >>