للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كثير الْمَعْرُوف محبا لفعل الْخَيْر وَكَانَ يجل أَوْلَاد الْأَوْلِيَاء وَالْعُلَمَاء يعرف لَهُم حَقهم وَلذَلِك تمّ لَهُ الدست وَكَانَ سعيدا فِي حروبه وَمَا اتّفق أَنه ركب فِي جَيش الأوعاد منصوراً وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ حَسَنَة فِي بني الْقَاسِم على وَجه الزَّمَان وَلَا يدانيه فِي شجاعته مِنْهُم مدان وَأما مَا قيل فِيهِ من المدائح فَيطول ذكره وَهُوَ الَّذِي اختط الْجَبَل الْمُسَمّى بضوران بضاد مُعْجمَة مَضْمُومَة فَبنى بِهِ حصناً مشيداً واختط بِهِ مَدِينَة عَظِيمَة وَأَحْيَا بِهِ أَرضًا دَائِرَة وغرس بهَا فواكه فَصَارَت مَدِينَة عَظِيمَة بأسواقها وحماماتها ومساجدها وَأمر كل أَمِير من أمرائه أَن يَبْنِي بهَا بَيْتا فاتبعوا أمره وَعمر مَا حول الْمَدِينَة من الْقرى وَكَانَت وَفَاته يَوْم السبت ثَانِي شَوَّال سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَألف بِمَرَض ذَات الْجنب وَحصل بِمَوْتِهِ التَّعَب الشَّديد لعُمُوم نَفعه ورياسته وشجاعته وَحسن أخلاقه حَتَّى أَنه لما انتصر على الأروام فِي زبيد كَانَ يغريه المجالسون بالايقاع بهم لما صدر مِنْهُم من حربه فَلم يُؤثر فِيهِ العذل بل عَفا عَنْهُم وكساهم وَأحسن إِلَيْهِم وَكَانَت مُدَّة إمارته بعد خُرُوجه من صنعاء نَحْو خَمْسَة عشر عَاما وَدفن بضوران وَبنى عَلَيْهِ قبَّة عَظِيمَة إِلَى جَانب مَسْجده الَّذِي أسسه وتممه وَلَده مُحَمَّد وأجرى الْمِيَاه هُنَالك إِلَيْهِ وَجَاء تَارِيخ وَفَاته حسن المخلد فِي الْجنان رَحمَه الله تَعَالَى

حسن باشا ابْن مُحَمَّد باشا الْوَزير نَائِب الشَّام قد تقدم طرف من خَبره فِي تَرْجَمَة السُّلْطَان أَحْمد وعلينا أَن نفصل أمره هُنَا فَنَقُول ولى فِي مبدا أمره كَفَالَة حلب ودخلها وَلم يلتح أَو لم تكمل لحيته ثمَّ ولى بعْدهَا كَفَالَة الشَّام فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وعزل عَنْهَا وَولي ولَايَة أَنا طولي ثمَّ ولَايَة أرزن الرّوم وَكَانَ الْوَزير الْأَعْظَم فرهاد باشا سر دَار أَعلَى العساكر العثمانية لغزاة ولَايَة الْعَجم فَاجْتمع بِهِ فِي ولَايَته الْمَذْكُورَة وَوَقع بَينهمَا أُمُور طَوِيلَة بِسَبَب أَن فرهاد باشا كَانَ بني بعض القلاع فِي ديار الشرق وَرفع حِسَاب كلفته عَلَيْهَا فِي دفتر وَطلب من بَقِيَّة الْأُمَرَاء إِمْضَاء ذَلِك الدفتر فَمنهمْ من أَمْضَاهُ وَمِنْهُم من رده وَكَانَ صَاحب التَّرْجَمَة مِمَّن رده وَعرض إِلَى السُّلْطَان أَنا الْمبلغ الَّذِي رفع حسابه فرهاد باشا لَيْسَ كَمَا ذكر بل زَاد على جناب السلطنة شَيْئا كثيرا فنما إِلَيْهِ الْخَبَر وَكَانَ مُقيما بأرزن الرّوم حِينَئِذٍ فَأرْسل إِلَيْهِ وعاتبه على مَا بلغه عَنهُ فدار بَينهمَا كَلَام فِي أثْنَاء المعاتبة أدّى إِلَى نكايات وصمم كل مِنْهُمَا على قتل الآخر بالمواجهة فَدخل من كَانَ فِي الْمجْلس بَينهمَا بَادر صَاحب التَّرْجَمَة إِلَى الرحيل فَرَحل من حِينه إِلَى طرف دَار السلطنة وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>