للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من آمد وَكَانَ أرسل خَمْسمِائَة رجل من جماعته ليأتوا إِلَيْهِ بهَا فَخرج عَلَيْهِم حسن ونهبهم وَقتل الْجَمَاعَة المعينين وَكَانَ مَعَهم حظاياه وجواريه فَلم يتَعَرَّض لَهُنَّ بل جهزهن إِلَيْهِ بالأمانة والصيانة وَطَلَبه للمقابلة فَخرج إِلَيْهِ حسن باشا وَمن مَعَه من العساكر فَمَا ثبتوا أَقْدَام الْبُغَاة لَحْظَة حَتَّى كسروا وهرب حسن باشا إِلَى قلعة توقات ورفعوه إِلَيْهِ بالحبال وهجم الْعَدو وَجُنُوده يحفها وَمَا زَالَ على منازلتها حَتَّى قتل حسن باشا دَاخل القلعة على غير يَده فَسَار حسن إِلَى قره حِصَار وَتَمام قصَّته وَمَوته ذكرته فِي تَرْجَمَة السُّلْطَان أَحْمد فَارْجِع إِلَيْهِ هُنَاكَ وَكَانَ سَبَب قتل حسن باشا صَبيا من جماعته يُقَال لَهُ درى كَانَ قد نَالَ مِنْهُ مقَاما فَضرب صبيان من صبيان خزينة حسن باشا فَنزل الصَّبِي الْمَضْرُوب إِلَى الْمَدِينَة وخالط الْبُغَاة إِلَى أَن امتزج بهم وَحكى لَهُم مَا صدر من درى فِي ضربه لَهُ وَأَنه جَاءَ مصادقا لَهُم فَقَالُوا لَهُ إِن كنت صَادِقا فِي مقالك فَأَيْنَ يجلس الْوَزير من القلعة فَقَالَ لَهُم إِنَّه يجلس دَائِما فِي هاتيك الغرفة وَرَاء ذَلِك الدفوف فجَاء رجل من الْبُغَاة وَجلسَ تَحت تِلْكَ الغرفة الَّتِي عينهَا لَهُ الصَّبِي وَفِي يَده بندقية فِيهَا رصاصتان فَضرب بهَا فَجَاءَت للْقَضَاء الْمُقدر تَحت إبط حسن باشا فَمَاتَ لساعته وَاسْتمرّ مُسْتَندا إِلَى الْجِدَار لَا يعلم أحد حَاله من الصَّباح إِلَى الظّهْر وَالنَّاس يظنون أَنه حَيّ سَاكِت فَبعد ذَلِك أشرفوا عَلَيْهِ فوجدوه قد مَاتَ وَهُوَ يَابِس جَالس فغسلوه ودفنوه وَكَانَ ذَلِك فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة بعد الْألف رَحمَه الله تَعَالَى

الْأَمِير حسن بن مُحَمَّد الْأَمِير الْجَلِيل أَبُو الفوارس الْمَعْرُوف بِابْن الأعوج أَمِير حماة أوحد أُمَرَاء الدَّهْر وَعين باصرة الْأَدَب وشمس فلك الْمجد قد جمع الله لَهُ بَين أدوات المحاسن ورقاه إِلَى أَعلَى ذرْوَة والمفاخر مَعَ أدب بارع وَحسب تارع وَطيب أرومة وزكاء جرثومة وَكَانَ فِي الْكَرم غَايَة لَا تدْرك وَمِمَّا قَالَ فِيهِ بعض الشُّعَرَاء

(حوى قصبات السَّبق فِي حومة الْعلَا ... نعم هُوَ للسباق مَا زَالَ يسْبق)

(مَتى تبرز الْأَيَّام مثل وجوده ... جوادا بِمَا فِي كَفه يتَصَدَّق)

(لقد زين الدُّنْيَا جمالا كَمَاله ... فَمِنْهُ على وَجه البسيطة ونق)

ولد بحماة وَنَشَأ بهَا وَهُوَ من بَيت أصيل الرياسة عريق النّسَب من الْجِهَتَيْنِ أما من جِهَة أَبِيه فَهُوَ أَمِير ابْن أَمِير ورث السِّيَادَة كَابِرًا عَن كَابر وَأما من جِهَة والدته فَهِيَ ابْنة شيخ الْإِسْلَام مُحَمَّد بن سُلْطَان العارفين الشَّيْخ علوان الْحَمَوِيّ صَاحب الْكَشْف

<<  <  ج: ص:  >  >>