للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَيْهِ السَّيِّد حسن وَألقى على رَأسه صَخْرَة عَظِيمَة فَقتله وَعرض على حسن باشا بن مُحَمَّد باشا الْمُقدم ذكره وَكَانَ نَائِب الشَّام حِينَئِذٍ فَسَأَلَهُ لم قتلت هَذَا فَقَالَ لِأَنَّهُ قتل قطى فَأَطْلقهُ لجذبه ثمَّ انْتقل بعد هَذِه الْحَادِثَة إِلَى بُسْتَان بِأَرْض أرزة من الْمزَارِع فقطن بِهِ نَحْو خمس سِنِين لَا يُفَارق الْبُسْتَان فِي الْفُصُول الْأَرْبَعَة وَكَانَ الثَّلج ينزل عَلَيْهِ يطمه وَهُوَ جَالس لَا يبرح وَقيل أَنه كَانَ لَا يُصِيبهُ الثَّلج إِذا وَقع وَلَا يُصِيب الْمَكَان الَّذِي هُوَ فِيهِ وَكَانَ لَا يتَضَرَّر من حر وَلَا برد صيفا وشتاء وَكَانَت النَّاس تقصده بالزيارة هُنَاكَ ويأتون إِلَيْهِ بِالطَّعَامِ وَالشرَاب وَرُبمَا يرَوْنَ مِنْهُ مكاشفات غَرِيبَة ثمَّ انْتقل إِلَى سفح قاسيون وَأقَام بمغارة الشياح بَين مغارة الدَّم وكهف جِبْرِيل وانضم إِلَيْهِ الشَّيْخ حُسَيْن الرُّومِي وَكَانَ يتعبد بذلك الْوَادي قبله بسنين فتجاورا وبالمغارة الْمَذْكُورَة وَتردد النَّاس إِلَيْهِمَا كثيرا وَكَانَ حسن مجذوبا كثير الْكَلَام عِنْد زِيَارَة الزائرين فَيَأْخُذ كل أحد من كَلَامه حِصَّة لنَفسِهِ تناسب مقْصده فاشتهر بالمكاشفة وَوَقع عَلَيْهِ أهل دمشق خُصُوصا النِّسَاء فَإِنَّهُنَّ كن يترددن إِلَيْهِ كثيرا وَكَانَ يجْتَمع عِنْده مِنْهُنَّ فِي الْوَقْت الْوَاحِد مَا يزِيد عَن مائَة امْرَأَة وَكَانَ حُسَيْن عَليّ الرُّومِي عَاقِلا يعرف الْكَلَام وَكَانَ من الْعجب فِي كَونه قيد السَّيِّد حسن الْمَذْكُور فِي ذَلِك الْمَكَان وَكَانَ يطعمهُ ويسقيه ثمَّ إِن حُسَيْنًا تزوج بِامْرَأَة من نسَاء الصالحية وَنزلا من المغارة إِلَى بَيت الْمَرْأَة فِي الْجَبَل وَكَانَ النَّاس يقصدونه أَيْضا فِي بَيت الْمَرْأَة ويزورونه ويهدون إِلَيْهِ الْهَدَايَا الجليلة وَلم يزل هُوَ وحسين مقيمين على هَذَا الْحَال إِلَى أَن وَقع سيل عَظِيم فِي دمشق هلك فِيهِ أَكثر من مائَة نفس وَكَانَ مِنْهُم السَّيِّد حسن ورفيقه حُسَيْن وَكَانَ ذَلِك يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشر صفر سنة ثَمَان عشرَة وَألف وَكَانَ ثامن أيار فَجَاءَت قبيل الْعَصْر سَحَابَة فِيهَا ريَاح عواصف ورعود شَدِيدَة وبروق متواترة ثمَّ تراكم غمامها وَجَاء برد شَدِيد كَبِير بِقدر البندق فِي ثَلَاث نوب أَو أَربع وَوَقع غالبه على الصالحية والجبل ومعظمه كَانَ بالجانب الغربي مِنْهَا وَكثير مِنْهُ على مَدِينَة دمشق حَتَّى امْتَلَأت مِنْهُ الأقنية والطرقات ثمَّ سَالَتْ أَوديَة الصالحية خُصُوصا الْوَادي الَّذِي فِيهِ مغارة الشياح فَأخذ السَّيْل دورا وقبورا وَفتح فِي تِلْكَ الأَرْض مَعَ صلابتها خنادق عَظِيمَة عميقة وأطلع صخورا عَظِيمَة واستخرج السَّيِّد حسن صَبِيحَة يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع عشر صفر من هَذِه السّنة وَحضر جنَازَته الجم الْغَفِير من الرِّجَال وَالنِّسَاء ثمَّ فِي آخر ذَلِك الْيَوْم نبش الدرويش حُسَيْن وَأخرج وَدفن من الْغدر رحمهمَا الله تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>