وَكَانَت وَفَاته سنة أَربع وَأَرْبَعين وَألف وَدفن بمقبرة عينات بِالْقربِ من وَالِده رَحمَه الله تَعَالَى
الأديب حُسَيْن بن أَحْمد بن حُسَيْن الْمَعْرُوف بِابْن الْجَزرِي الشَّاعِر الْمَشْهُور الْحلَبِي أحد المجيدين جمع فِي شعره بَين الصِّنَاعَة والرقة نَشأ بحلب وَأخذ بهَا الْأَدَب عَن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن المنلا وَالْقَاضِي نصر الدّين مُحَمَّد الحلفا وشغف بتَعَلُّم الشّعْر صَغِيرا وَحفظ قصائد عديدة وفحص عَن مَعَانِيهَا وَأكْثر من مطالعة كتب الْأَدَب واللغة حَتَّى صَار لَهُ رسوخ ثمَّ أَخذ يمدح الْأَعْيَان وَكَانَ إِذا تكلم لَا يَظُنّهُ الْإِنْسَان يعرف شَيْئا وَكَانَ لَهُ خطّ نسخي فِي غَايَة الْحسن إِلَّا أَنه كَانَ سيء الْأَخْلَاق وَلما تنبل اقتعد غارب الأغتراب فَرَحل إِلَى الشَّام وَالْعراق وَدخل الرّوم فِي سنة أَربع عشرَة وَألف وَقَرَأَ فِيهَا على مُحَمَّد بن قَاسم القاسمي الْحلَبِي حِصَّة من هِدَايَة الْفِقْه وَفِي ذَلِك بقول فِي قصيدته البائية يمدح بهَا القاسمي الْمَذْكُور وَهِي
(لقد آن أعراضي عَن الغي جانبا ... وَأَن أتصدّى للهداية طَالبا)
وَهِي مَذْكُورَة فِي ديوانه فَلَا حَاجَة بِنَا إِلَى ذكرهَا عَاد إِلَى حلب وَاسْتقر بهَا وَكَانَ أَحْيَانًا يتَرَدَّد لبنى سَيْفا أُمَرَاء طرابلس وَله فيهم المدائح الْكَثِيرَة جمع لَهُ ديوانا وَهُوَ مَوْجُود بإيدي النَّاس وَكَانَ مغرما بِشعر أبي الْعلَا المعري كثيرا الْأَخْذ مِنْهُ وَأخْبر أَنه رَآهُ فِي مَنَامه وَكَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ اللُّزُوم وَفهم من تَقْرِيره فِي تِلْكَ الرُّؤْيَا الْخَيْر كل الْخَيْر فِيمَا أكرهت النَّفس الطبيعية عَلَيْهِ وَالشَّر كل الشَّرّ فِيمَا أكرهتك النَّفس الطبيعية عَلَيْهِ وَكتب على ديوانه اللُّزُوم قَوْله
(إِن كنت متخذا لجرحك مرهما ... فكتاب رب الْعَالمين المرهم)
(أوكنت مصطحبا حبيبا سالكا ... سبل الْهدى فلزوم مَا لم يلْزم)
وَمن شعره فِي الْغَزل قَوْله
(مَا عِشْت من ألم الْفِرَاق ... لَو لم أطل أمل التلاقي)
(فأظل كالملسوع من ... أَفْعَى النَّوَى ورجاي راقي)
(يَا ثَالِث القمرين إِلَّا ... فِي الْكُسُوف وَفِي المحاق)
(حتام دمعي فِيك لَا ... يرقا وروحي فِي التراقي)
... وَالأُم يَسْتَسْقِي الْفُؤَاد ... ظما وأجفاني سواقي)
(وغريق دمع الْعين لَا تَلقاهُ إِلَّا فِي احتراق ... )
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute