بِمصْر قَالَ وَكنت لما مَرَرْت على غَزَّة فِي سنة إِحْدَى وَسبعين قَاصِدا مصر أسدى إِلَيّ مَعْرُوفا وأنعاماً فَقلت أرثيه
(أسفي على بَحر النوال وَمن لَهُ ... بَأْس الْمُلُوك وعفة الزهاد)
(لَو أَن بعض صِفَاته اقتسم الورى ... لرأيت أَدْنَاهُم كذي الأعواد)
(لم يجن ذَنبا غير أَن زَمَانه ... قد فوض الْأَحْكَام للحساد)
(هابوه وَهُوَ مُقَيّد فِي سجنه ... وَكَذَا السيوف تهاب فِي الأغماد)
(ذهب السرُور بفقده فَكَأَنَّمَا ... أَرْوَاحنَا غَضبى على الأجساد)
(يَا ثَالِث الحسنين عاجلك الردى ... والحتف قد يسرى إِلَى الأطواد)
(لَك بالكواكب والسحائب أُسْوَة ... فَاذْهَبْ كَمَا ذهب السَّحَاب الغادي)
(فسقى ثراءك مِنْهُ صيب رَحْمَة ... مَا أطرب الركْبَان صَوت الْحَادِي)
حُسَيْن باشا بن رستم الْمَعْرُوف بباشا زَاده الرُّومِي نزيل مصر وَاحِد الدَّهْر على الْإِطْلَاق الْمُحَقق الفهامة رَأس الْفُضَلَاء فِي وقته رَأَيْت خَبره فِي كثير من التحريرات والمجاميع وَذكره الشَّيْخ مَدين القوصوني وَقَالَ فِي تَرْجَمته مولده ببلغراد فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشر شَوَّال وَكَانَ ذَلِك فِي أَوَائِل فصل الخريف من سنة ثَمَان وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَقدم إِلَى مصر فِي سنة سبع وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَحج مِنْهَا إِلَى بَيت الله الْحَرَام ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْبِلَاد الرومية وَعَاد إِلَى مصر ثَانِيًا وَأقَام بهَا وَكَانَ وَالِده من موَالِي السُّلْطَان سُلَيْمَان ثمَّ إِنَّه لم يزل يتنقل فِي الولايات حَتَّى صَار أَمِير الْأُمَرَاء بطمشوار وبودين وَكَانَت وَفَاته بهَا وَأما والدته فَهِيَ بنت إِيَاس باشا الَّذِي كَانَ رَأس الوزراء فِي دولة السطان سليم وَكَانَ من موَالِي السُّلْطَان بايزيد بن مُحَمَّد وَأخذ صَاحب التَّرْجَمَة عَن جمَاعَة من الموَالِي الْعِظَام بالديار الرومية مِنْهُم الْمولى يحيى الَّذِي كَانَ متقاعداً عَن إِحْدَى الْمدَارِس الثمان وَكَانَ أَخا للسُّلْطَان سُلَيْمَان من الرَّضَاع وَكَانَ السُّلْطَان الْمَذْكُور يعظمه ويزوره أَحْيَانًا وَيقبل شَفَاعَته وَمِنْهُم لمولى عبد الْغَنِيّ وَمِنْهُم الْمولى محمدبن بُسْتَان الْمُفْتِي وَمِنْهُم الْمولى فُضَيْل بن الْمُفْتِي عَلَاء الدّين الحمالي وَمِنْهُم الْمولى مُحَمَّد ابْن أخي وَمِنْهُم الْمولى أَبُو السُّعُود الْمُفْتِي الْعِمَادِيّ صَاحب التَّفْسِير وَصَارَ ملازما بمدرسة السُّلْطَان سليم الأول بقسطنطينية ثمَّ ترك ذَلِك وعزم على الْإِقَامَة بِمصْر وَطلب من السُّلْطَان أَن يعين لَهُ من بَيت المَال مَا يَكْفِيهِ هُوَ وَمن مَعَه من الْعِيَال من الدَّرَاهِم والغلال فعين لَهُ ذَلِك ثمَّ قدم إِلَى مصر وَأقَام بهَا بِالْعِزَّةِ والاحترام
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute