للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحْتَاط بِهِ الحرسة فَبعث قره قاش إِلَى السُّلْطَان يُخبرهُ بذلك وَبلغ وَالِده الْخَبَر فَبعث جماعته ووعد السُّلْطَان بِمِائَة ألف قِرْش إِن عَفا عَنهُ فَلم يجبهُ إِلَى ذَلِك وَبعث أمرا بقتْله فجَاء الجلاد فَقَالَ بقلب جرى وجنان قوي أيليق أَن أكون من الباشوات ويقتلني الجلاد ثمَّ إِنَّه أَشَارَ ألى رجل مُعظم من أَتبَاع قُرَّة قاش أَن يقْتله وَقَالَ لَهُ اصبر عَليّ حَتَّى أكتب مَكْتُوبًا إِلَى وَالِدي وأوصيه بعض وَصَايَا فَكتب ورقة أوصاه بأولاده وَعَزاهُ فِي نَفسه ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ واستغفر الله وَقَالَ رب إِنِّي ظلمت نَفسِي وعملت سوءا بِجَهَالَة فتب عَليّ أَنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم وَوضع مُحرمَة نَفسه فِي عُنُقه وَأمر ذَلِك الرجل بخنقه وَبكى عَلَيْهِ جمَاعَة كَثِيرَة لحسنه وَكَونه شَابًّا وَكَانَ شجاعا بطلا إِلَّا أَنه كَانَ يُبَالغ فِي ظلم الْعباد ثمَّ أخرجت أمعاؤه ودفنت بتربة القلعيين وَصَبَرت جثته وَأرْسلت إِلَى وَالِده فَاسْتَقْبلهَا النِّسَاء وَالرِّجَال بالبكاء والصراخ وَالْوَيْل وَالثُّبُور وَصَارَ يَوْم دُخُوله كَيَوْم مقتل الْحُسَيْن وَقَالَت الغواني فِيهِ المراثي يضر بن وَقت إنشاد إِشْعَار مَقْتَله بالدف بِصَوْت خزين حكى قره قاش إِنِّي كنت فِي خدمَة السُّلْطَان أَحْمد وَقد خرج إِلَى الصَّيْد فعرضوا عَلَيْهِ طيور الصَّيْد ثمَّ جاؤه بطير عَظِيم لَا نَظِير لَهُ فتعجب مِنْهُ وَقَالَ من بعث هَذَا قَالُوا عَبدك حُسَيْن باشا ابْن سَيْفا أَمِير الامراء بطرابلس فَقَالَ السُّلْطَان آه آه آه من خِيَانَة مماليكي الْأَمر لله إِلَى هَذَا الْحِين هَذَا الْكَافِر بِالْحَيَاةِ فأسرها قره قاش فِي نَفسه وصاده بطيره وَكَانَ قَتله فِي أَربع عشرى شهر ربيع الأول سنة سِتّ وَعشْرين وَألف وعمره قريب من الثَّلَاثِينَ رَحمَه الله تَعَالَى

حُسَيْن الكفوي أحد موَالِي الرّوم الْمَشْهُورين بِالْفَضْلِ والبراعة ذكره ابْن نَوْعي واثنى عَلَيْهِ كثيرا ثمَّ قَالَ قدم إِلَى قسطنطينية وَلزِمَ دَاوُد زَاده قَاضِي الْمَدِينَة ولازم مِنْهُ ودرس إِلَى أَن وصل إِلَى الْمدرسَة السلمانية ثمَّ ولى مِنْهَا قَضَاء الْقُدس فِي شعْبَان سنة سبع بعد الْألف ثمَّ وَجه إِلَيْهِ قَضَاء مَكَّة فِي شَوَّال سنة ثَمَان بعد الْألف ثمَّ عزل فِي صفر من سنة عشرَة وَكَانَ صَاحب لطائف وفضائل وَهُوَ أنبل ارباب المعارف فِي عصره لم تزل لطائفه متداولة وأشعاره وآثاره شائعة وَمن تأليفاته الجليلة تعليقاته على البُخَارِيّ وَمُسلم وَشرح الكلستان بالتركية يتَعَرَّض فِيهِ لشارحيه سروري وشمعي وَله كتاب قَالَ نامه يذكر فِيهِ غرائب وقائع وَقعت لمن تفائل بِالْقُرْآنِ وديوان حَافظ وَغَيرهمَا وَهُوَ أثر لطيف رَأَيْته وطالعته ونقلت مِنْهُ أَشْيَاء

<<  <  ج: ص:  >  >>