للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى يَأْتُوا إِلَى الشَّيْخ وهم متهيؤن لما يلقيه وَكَانَت جمَاعَة الزيَادي مَعَ مَا هم عَلَيْهِ من الْعلم والفهم الثاقب ملازمين لدروسه الفرعية وَمِمَّنْ لَازمه مِنْهُم الشَّمْس الشَّوْبَرِيّ والنور الْحلَبِي والشهاب القليوبي وعامر الشبراوي وخضر الشَّوْبَرِيّ وَعبد الْبر الاجهوري وَمُحَمّد البابلي والنور الشبراملسي وَالشَّيْخ سُلْطَان المزاحي وَكَانَ يُسَمِّيه وتد درسه ويفضله على شَيْخه الزيَادي وَيَقُول مَا رَأَيْت أفقه مِنْهُ وَكَانَ آيَة من آيَات الله تَعَالَى فِي استحضار مسَائِل الْفِقْه وتصويرها وَمَعْرِفَة الْفرق وَالْجمع بَينهمَا والاطلاع على النقول والإحاطة بالفروع وَالْأُصُول وَكَانَ مَعَ كَونه فَقِيها خَالِصا من أكَابِر الْأَوْلِيَاء لَهُ كرامات خارقة وأحوال باهرة مِنْهَا مَا حَكَاهُ النُّور الشبراملسي فِي درسه أَنه طالع كتاب الْغرُور من الْأَحْيَاء للغزالي فَلَمَّا رأى مَا قَالَه الْغَزالِيّ فِي عُلَمَاء عصره وَمَا هم فِيهِ من الْغرُور مَعَ مَا كَانَ عَلَيْهِ أهل ذَلِك الْعَصْر من الْخَيْر أضمر فِي نَفسه أَن يتخلى لِلْعِبَادَةِ وَالصَّوْم وَقِرَاءَة الْقُرْآن وَأَن يتْرك الْقِرَاءَة على الشُّيُوخ وَالِاجْتِهَاد فِي الطّلب لِأَنَّهُ قد حصل مَا يَكْفِيهِ فِي إِقَامَة دينه ودنياه وَكَانَ إِذْ ذَاك يحضر درس صاحبا لترجمة فجَاء ذَلِك الْيَوْم إِلَى الدَّرْس بِغَيْر مطالعة واشتغل سرا بِقِرَاءَة الْقُرْآن بِحَيْثُ لَا يسمع أحدا من الْحَاضِرين وَلم يُخْبِرهُمْ بِمَا أضمره فِي نَفسه وَإِنَّمَا جَاءَ إِلَى الدَّرْس مُرَاعَاة لخاطر الشَّيْخ لِئَلَّا يفتقده فَيسْأَل عَنهُ أَو يَأْتِي إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ صَاحب التَّرْجَمَة شفاها يَا عَليّ مَالك الْيَوْم سَاكِت فَقَالَ لَهُ يَا سَيِّدي مَا طالعت فَقَالَ لَهُ يَا عَليّ الْغَزالِيّ مَا ألف الْمُسْتَصْفى مَا ألف الْوَجِيز مَا ألف كَذَا مَا ألف كَذَا وعد مؤلفاته فَقَالَ لَهُ نعم يَا سَيِّدي فَقَالَ لَهُ كَأَنَّك اغتريت بِكِتَاب الْغرُور من الْأَحْيَاء لَا بقيت تفعل هَذَا واطلب الْعلم وَاتَّقِ الله مَا اسْتَطَعْت عَسى الله أَن يجعلك من المخلصين قَالَ الشبراملسي فَلَمَّا كاشفني بذلك رجعت لما كنت عَلَيْهِ من طلب الْعلم والاشتغال بِهِ وَصرف أوقاتي فِي المطالعة وَتركت مَا كنت أضمرته فِي نَفسِي وأنبأني الشَّيْخ عَنهُ حَتَّى كَانَ من أَمر الله مَا كَانَ وَالْحَمْد لله وَحده وَلم يزل صَاحب التَّرْجَمَة منهمكا على بَث الْعلم ونشره حَتَّى توفّي وَكَانَت وَفَاته بِمصْر يَوْم السبت سَابِع عشرى ذِي الْحجَّة سنة تسع عشرَة وَألف وَحكى البشبيشي عَن شَيْخه الشَّيْخ سُلْطَان أَنه توفّي فِي سنة ثَمَان عشرَة وَألف وَصلى عَلَيْهِ بِجَامِع الْأَزْهَر وَكَانَ الإِمَام بِالنَّاسِ فِي الصَّلَاة عَلَيْهِ شَيْخه النُّور الزيَادي وَلم يجزع عُلَمَاء مصر على أحد من الْعلمَاء مَا جزعوا عَلَيْهِ رَحمَه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>