للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَيْدِيهِم نرجس الْكَوَاكِب ويثقبون بأسنتهم دراري الثواقب

(يزر عَلَيْهِ الجو جيب غمامه ... ويلبسها من رونق الأنجم الزهر)

وَقد أحاطت بِهِ الْأَنْهَار إحاطة الهالات بالأقمار وَكم ورد فِيهَا لحياض الْمنية من ورد وَلبس من حبكها المنسوج بيد الشمَال زرداً على زرد

(فبالله من عجب دلاص ... يردّ بِهِ الْحمام غَدَتْ حَماما)

وتيسر فَتحه فِي نَحْو سبعين يَوْمًا وجفون الْغُزَاة لم تكتحل بِغَيْر نقع الهيجاء وَلم تذق نوماً وَقد تثبتوا فِي الْحَرْب تثبت الْجبَال علما بِأَنَّهَا بَين الرِّجَال سِجَال فهناك باحت أغماد السيوف بأسرارها فطارت غربان البنادق من أوكارها وَكم قَتِيل غَدا بألسنة الأسنة مكلماً وأصبحت درعه تبْكي عَلَيْهِ بِأَلف عين دَمًا والأعداء كَأَنَّمَا أَجْسَادهم جرائر يحملهَا من الدِّمَاء السَّيْل وكأنما رؤوسهم أكر تلعب بهَا صوالج الْأَيْدِي والأرجل من الْخَيل شكرا لله مساعيه الراضية وأحله فِي قُصُور الْجنان الْعَالِيَة انْتهى

سِنَان باشا الْوَزير حَاكم الْيمن كَانَ كتخدا حسن باشا صَاحب الْيمن الْمُقدم ذكره وَلما طَالَتْ مُدَّة الْوَزير حسن باشا فِي الْيمن وَأَرَادُوا عَزله مِنْهُ وَخُرُوجه على وَجه مستحسن أنعم السُّلْطَان بِبِلَاد الْيمن لكتخدانه سِنَان باشا الْمَذْكُور فَتوجه حسن باشا إِلَى الْأَبْوَاب الْعلية فِي حادي عشري صفر سنة ثَلَاث عشرَة بعد الْألف وَكَانَ سِنَان باشا الْمَذْكُور على مَا قَالَ الشَّاعِر

(ملك سِنَان قناته وبنانه ... يتباريان دَمًا وَعرفا ساكبا)

وَلما اسْتَقر فِي الْيمن وَظهر من شيخ البدو عَليّ بن فلاح تعدو وأخاف الطرقات وهم قَبيلَة وَاسِعَة بِلَادهمْ مَا بَين بِلَاد ذمار وسنحان مسيرَة يَوْم وَاحِد من صنعاء أرسل عَلَيْهِم جَيْشًا جراراً فمزقهم كل ممزق فأطاعوا وسلموا رهاين فأنعم عَلَيْهِم بِالْعَفو وَكَانَ عقيب ذَلِك ظُهُور الإِمَام الْقَاسِم من بِلَاد الشرق من برض إِلَى بِلَاد وَادعَة إِلَى جِهَة الظَّاهِر وَقد دارت بَينه وَبَين الْأَمِير عبد الرَّحِيم بن عبد الرَّحْمَن بن المطهر حَاكم بِلَاد حجَّة والشرق مكاتبات على اتِّحَاد الْحَال بَينهمَا بِفَتْح الْحَرْب على السلطنة ووثب الإِمَام على سَائِر الْقَبَائِل بجاري عَادَته الأولى فَأَجَابُوهُ وَقَامَت الْحَرْب على سَاقهَا فَوجه الْوَزير سِنَان المحاط إِلَى جِهَة عبد الرَّحِيم وَلم يزل على الْحَرْب حَتَّى ضعفت أَحْوَال الإِمَام الْقَاسِم عَن مُقَابلَة مَا لديهم من العساكر وَعطف بِأَكْثَرَ العساكر

<<  <  ج: ص:  >  >>