الصادقة فمددت يَدي إِلَيْهِ وعاهدته وَكَانَ دَاعِيَة مَا صممت عَلَيْهِ من القَوْل أَنِّي قد رَأَيْت فِي الْمَنَام وَأَنا بحلب أَن بَاب دمشق قد أغلق وَأَن سِنَان باشا قد أَخذ مفاتحه بِيَدِهِ وَورد إِلَى الْبَاب وفتحه وَدخل رَاكِبًا إِلَى الْمَدِينَة وَمَعَهُ جمَاعَة مستكثرة ثمَّ فارقته وَتوجه هُوَ فِي خدمَة الْوَزير إِلَى توقات فولاه نِيَابَة دمشق ودخلها فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع عشري شهر رَمَضَان سنة سبع عشرَة وَألف وَوَقع فِي زمن تَوليته أَن فرقة من عرب آل جَبَّار المعروفين بأولاد أبي ريشة نفروا من الْعرَاق بعد موت أَمِيرهمْ الْأَمِير أَحْمد بن أبي ريشة فوصلوا إِلَى نواحي تدمر وانضم إِلَيْهِم قوم من طَائِفَة السكبانية الَّذين هربوا من وقْعَة الْأَمِير عَليّ بن جانبولاذ فعاثوا فِي تِلْكَ الْبِلَاد وَقَطعُوا الطَّرِيق وَلما ورد من حلب الْعَسْكَر الْمصْرِيّ الَّذِي كَانَ قد طلب لقِتَال كَبِير السكبانية مُحَمَّد بن قلندر وَالْأسود سعيد فَوَرَدُوا إِلَى حلب ثمَّ إِلَى بِلَاد السوَاد فَكَانَ الْوَزير مُرَاد باشا رَأس العساكر السُّلْطَانِيَّة فَالتقى جَيش السُّلْطَان مَعَ جَيش الْبُغَاة فغلب عَسْكَر السُّلْطَان وهرب مِنْهُم جمع وَمن جملَة الهاربين بَين الْجَمَاعَة الْمَذْكُورين وَكَانُوا فِي الْعدَد نَحْو أَرْبَعمِائَة سكباني فَلَمَّا انضموا إِلَى الْعَرَب الْمَذْكُورين كَانَ السكبان يضْربُونَ بالبندق وَالْعرب يضْربُونَ بِالرِّمَاحِ وَالسُّيُوف وَأخذُوا قلعة القسطل وقلعة القطيفة ونهبوا المعصرة وَقتلُوا بهَا من الرِّجَال وَالنِّسَاء مَا يزِيد على عشرَة أشخاص فَلَمَّا بالغوا بِالْقَتْلِ والنهب والغارة والعدوان قصدهم سِنَان باشا وَمَعَهُ الْعَسْكَر الشَّامي وانضم إِلَيْهِم عرب المفارجة وَكَبِيرهمْ عَمْرو بن جبر فأدركوا الْعَرَب والسكبان فِي نواحي قلعة القطراني فَقتلُوا من السكبان نَحْو ثلثمِائة رجل وأمسكوا مِنْهُم نَحْو خمسين رجلا ودخلوا بهم إِلَى دمشق راكبين للجمال وعَلى كتف كل وَاحِد مِنْهُم خَشَبَة طَوِيلَة هِيَ خازوق لَهُ وَفِي الْيَوْم الثَّانِي أتلفوهم وَفرقُوا أَجْسَادهم على المحلات بِدِمَشْق وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن سِنَان باشا هَذَا أعْطى من السعد فِي أُمُوره مَا لم يُعْط لأحد من الْحُكَّام وَبعد عَزله من دمشق أعْطى كَفَالَة حلب وَتُوفِّي بعد ذَلِك وَلم يذكر البوريني فِي تَارِيخه وَفَاته وَالظَّاهِر من فحوى كَلَامه أَن وَفَاته لم تتجاوز الْعشْرين من هَذَا الْقرن بِكَثِير وَالله أعلم
سِنَان باشا ابْن مَحْمُود نزيل دمشق ومتولى الْجَامِع الْأمَوِي بهَا أَمِير الْأُمَرَاء وَصدر أَعْيَان الشَّام فِي وقته أَصله من قَرْيَة دورلى بِكَسْر الدَّال الْمُهْملَة وَبعدهَا وَاو مَكْسُورَة وَرَاء سَاكِنة وَلَام مَكْسُورَة من ضواحي قرمان ورد إِلَى دمشق فِي خدمَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute