للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَمِير شَدِيد بن احْمَد الْأَمِير حَاكم الْعَرَب وَهُوَ من آل جَبَّار حكام الْعَرَب أَبَا عَن جد يُقَال أَنهم من ذُرِّيَّة جَعْفَر الْبَرْمَكِي ومقام هَؤُلَاءِ فِي بِلَاد سلمية وعانا والحديثة وَمن عَادَتهم أَن من استولى مِنْهُم على خيمة المَال وَالسِّلَاح يكون حَاكما على الْعَرَب جَمِيعهم وَذَلِكَ أَن لَهُم خيمة من الشّعْر كَبِيرَة جدا وَلها نواطير وحرس بالنوبة فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَكلهَا صناديق مقفلة بالأقفال الْحَدِيد المحكمة والصناديق مَمْلُوءَة من الذَّهَب وَالْفِضَّة والجوهر وَالسِّلَاح وَغير ذَلِك من نفائس الْأَشْيَاء النفيسة وَكَانَ شَدِيد استولى عَلَيْهَا بعد أَبِيه أَحْمد وَكَانَ ظَالِما جباراً عنيداً متكبراً خسيساً قَبِيح المنظر وَالْفِعْل وَالْوَصْف غير محسن فِي شَيْء من الْأَشْيَاء وَلم يزل حَاكما إِلَى أَن مَاتَ فِي سنة ثَمَان عشرَة بعد الْألف وَاتفقَ فِي هلكه عَجِيبَة أَنه كَانَ فِي خيمة فِي بعض صحارى حلب وَكَانَ ابْن عَمه مُدْلِج بن ظَاهر مَعَه فِي الْخَيْمَة وَكَانَ شَدِيد يلْعَب بالشطرنج مَعَ بعض أَقَاربه وَلم يكن عِنْده من إخْوَته أحد فاختلس مُدْلِج الفرصة فِي خلو الْأَمِير فناداه وَهُوَ يلْعَب يَا شَدِيد يَا شَدِيد فَقَالَ نعم فَمَا أتم قَوْله نعم إِلَّا ومدلج قد ضربه بخنجر فِي بَطْنه خرج من ظَهره وَلم يحْتَج فِي إِخْرَاج روحه إِلَى ضَرْبَة أُخْرَى وَلَقَد أرسل الْأَمِير فَخر الدّين بن معن مَكْتُوبًا يخبر فِيهِ عَن قتل شَدِيد وَقَالَ فِي مكتوبه إِن تَارِيخ قَتله قد اتّفق فِي هَذِه الْكَلِمَات وَهِي قَوْله مُدْلِج قتل شَدِيد ولد أَحْمد وَمن الْعجب أَن وَالِد شَدِيد أَحْمد كَانَ قتل ظَاهرا وَالِد مُدْلِج فِي بَيته وَهُوَ ضيف عِنْده فَقدر الله أَن ولد الْمَقْتُول قتل ولد الْقَاتِل قلت وَهَذَا ظَاهر هُوَ ابْن مُدْلِج المترجم فِي الْكَوَاكِب السائرة وَهُوَ ظَاهر بن عساف بن عجل بن مظين بن قدموس كَانَ أَمِير عرب الشَّام وَله قُوَّة وبطش بِحَيْثُ يمسك الدِّرْهَم من الْفضة بِأُصْبُعَيْهِ ويفركه فَيذْهب نقشه ويفتت الْحِنْطَة بَين أصبعيه وَمن عَجِيب أمره أَنه دخل عَلَيْهِ وَلَده قرموش وَهُوَ مَرِيض ليَقْتُلهُ فَضَربهُ بِسيف فَقتله وَشرب شخص لَبَنًا حليباً وَكَانَ بيد امْرَأَة فشكته إِلَيْهِ فاستخبره فَأنْكر وَحلف بحياته أَنه لم يشربه فطعنه بِرُمْح كَانَ بِيَدِهِ فَإِذا اللَّبن خَارج من جَوْفه فَأمر الْمَرْأَة بِأخذ بعير من بعرانه عوض لَبنهَا وَمَات على فرَاشه وَذَلِكَ فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة انْتهى

شرف الدّين بن زين العابدين بن محيي الدّين بن ولي الدّين بن جمال الدّين بن القَاضِي زَكَرِيَّا بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الْأنْصَارِيّ السنيكي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي وَتقدم أَبوهُ الإِمَام الْجَلِيل كَانَ صَدرا من صُدُور زَمَنه مُعظما عِنْد الْعلمَاء مَقْبُول الشَّفَاعَة

<<  <  ج: ص:  >  >>