تَعَالَى لَهُم فِيهَا مَا يشاؤن خَالِدين حَيْثُ قَالَ حَال من الضَّمِير المستكن فِي الْجَار وَالْمَجْرُور لاعتماده على الْمُبْتَدَأ وَقيل من فَاعل يشاؤون انْتهى وَطلب البوريني الْجَواب من شرف الدّين فألف رسَالَته الأولى وَقَالَ فِي ديباجتها بعد الحمدلة وَسبب التَّأْلِيف فاشتغلت بايتارقوس الْبَيَان وشرعت فِي الْجَواب مستمدا العون من الْملك الديَّان وكتبت فِي ذَلِك رِسَالَة سميتها ارواء الصادي فِي الْجَواب عَن أبي السُّعُود الْعِمَادِيّ وأرسلتها إِلَى الْفَاضِل الْحسن البوريني ذِي الأيادي فَلَمَّا وصلت إِلَيْهِ وتأملها بفكره اعْترف بِصِحَّة بَعْضهَا وَاعْترض على آخر بنكره فَكتبت لَهُ الْجَواب عَن إِيرَاده وَأَنه دَافع لمراده فَأَحْبَبْت أَن أجمع هَذِه الرسائل فِي كتاب مُفْرد وأجعله خدمَة لسدة مَوْلَانَا الْأَمِير الأمجد إِلَى أَن قَالَ وَسميت هَذَا الْكتاب محَاسِن الْفَضَائِل بِجمع الرسائل ورتبته على حسب الْوَاقِع فِي الزَّمَان فَقدمت رِسَالَة إرواء الصادي وثنيت برسالة الْحسن البوريني وثلثت برسالتنا الموسومة بأرج العهري والجادي فِي الدّفع عَن إرواس الصادي وَحَاصِل مَا أجَاب بِهِ أَن مَا مَوْصُولَة وَاقعَة على فنون الملاذ والمشتهيات وأنواع النَّعيم وَمن جملَة الْمَذْكُور الْحور والولدان وَغَيرهمَا من بني آدم وَبنَاته وَمَا الموصولة يَسْتَوِي فِيهَا الْمُذكر والمؤنث والمثنى وَالْجمع وَالْغَالِب اسْتِعْمَالهَا فِيمَا لَا يعلم وَقد تسْتَعْمل فيهمَا وَيجوز فِي ضميرها مُرَاعَاة اللَّفْظ وَالْمعْنَى فرجوع الضَّمِير مجموعاً بِاعْتِبَار معنى مَا وَهَذَا جَوَاب عَن أحد الْوَجْهَيْنِ وَالْجَوَاب عَن الثَّانِي وَهُوَ جمعه جمع الْعُقَلَاء أَن هَذَا من بَاب التغليب فغلب من يعقل من الْحور وَنَحْوهَا على مَا لَا يعقل من أَنْوَاع النَّعيم لِأَن كلمة مَا مَوْضُوعَة للْكُلّ أَو لارادة الْوَصْف كَمَا قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى ويعبدون من دون الله مَا أُرِيد مَا يعم الْعُقَلَاء وَغَيره أما لِأَن كلمة مَا مَوْضُوعَة للْكُلّ أَو لِأَنَّهُ أَرَادَ الْوَصْف لَا الذَّات كَأَنَّهُ قيل ومعبودهم أَو اعْتِبَار الْغَلَبَة عبدتها فَهِيَ على هَذَا حَال حَقِيقَة أَو ذَلِك بِاعْتِبَار مُلَابسَة بَين النَّعيم الْمعبر عَنهُ بماو بَين أَصْحَابه فصح كَون خَالِدين حَالا من الضَّمِير فِي الْخَبَر سَبَبِيَّة أَي خَالِدين أَهله فِيهِ ففاعل الْوَصْف يرجع إِلَى الْمُتَّقِينَ كَمَا فِي قَوْلك مَرَرْت بِالدَّار قَائِما سكانها كَمَا صرح بِهِ النحويون وَلَا يرد عَلَيْهِ عدم بروز الضَّمِير لِأَن هَذَا على مَذْهَب الْكُوفِي وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك لوروده كثيرا وَالْأول أولى كَمَا لَا يخفى انْتهى قلت وَقد تجاززت الْحَد الْمَضْرُوب للتاريخ وَلَكِن رُبمَا حسن هَذَا الاستطراد عِنْد قوم وَبِالْجُمْلَةِ فالمقصود الْفَائِدَة وَلَعَلَّ كتَابنَا هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute